الرابع : التفصيل بين أن لا يظهر كون الفعل من خصائصه  ، فيخص به العموم ، فإن اشتهر كونه من خصائصه فلا يخص به العموم ، وجزم به سليم  في التقريب " . وقال إلكيا الطبري    : إنه الأصح . قال : ولهذا حمل  الشافعي    { تزويج ميمونة  ، وهو محرم   } على أنه كان من خصائصه . 
والخامس : الوقف ونقل عن عبد الجبار    . 
وشرط أبو الحسين بن القطان  في كتابه لجواز التخصيص به كونه منافيا للظاهر . قال : فأما الفعل الموافق للظاهر فإنه لا يجوز التخصيص به ،  [ ص: 514 ] كقوله : { والسارق والسارقة فاقطعوا    } فلو أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق مجن أو رداء فقطعه ، لم يدل على تخصيص القطع بذلك المسروق ، لأنه بعض ما اشتملت عليه الآية . 
قلت    : وينبغي  لأبي ثور  أن يخالف في هذا كما سبق . 
وقال الغزالي    : إنما يخص الفعل إذا عرف من قوله أنه قصد به بيان الأحكام ، كقوله : { صلوا كما رأيتموني أصلي   } و { خذوا عني مناسككم   } ، فإن لم يبين أنه أراد به البيان فلا يرتفع أصل الحكم بفعله المخالف ، ولكنه قد يدل على التخصيص ، { كنهيه عن الوصال ، ثم واصل   } . وقال : { إني لست كأحدكم   } . فبين أنه لم يرد بفعله بيان الحكم . وكذلك { نهيه عن استقبال القبلة واستدبارها ثم رآه  ابن عمر   [ ص: 515 ] مستدبرا للكعبة   } ، فيحتمل أنه تخصيص ، لأنه كان بيانا للحكم والنهي . والنهي مطلقا ، ويحمل أنه كان مخصوصا به . 
وفصل الآمدي  بين أن يكون العام شاملا له ، كما لو قال : ترك الوصال واجب على كل مسلم ثم رأيناه قد واصل ، فلا خلاف أن فعله يدل على إباحته في حقه ، ويكون مخصصا له ; وأما بالنسبة إلى غيره ، فإن قلنا : التأسي به واجب ارتفع العموم ، وصار نسخا ; وإن قلنا : ليس بواجب بقي العموم في حق الأمة ، وإن كان عاما للأمة دونه ففعله لا يكون تخصيصا ; لعدم دخوله فيه وإن قيل أيضا بوجوب المتابعة على الأمة كان نسخا في حق الأمة لا تخصيصا ، ثم قال : وهذا [ هو ] التفصيل ولا أرى للخلاف في التخصيص بفعله وجها . قال : فإن كان المراد تخصيصه وحده فلا يتأتى فيه خلاف ، أو تخصيص غيره فلا تخصيص ; بل نسخ ، مع أنهم فرضوا المسألة في التخصيص . 
ثم قال : والأظهر عندي الوقف ; لأن دليل التأسي عام ، فليس مراعاة أحد العمومين أولى من مراعاة الآخر ، وذكر الهندي  في النهاية " هذا التفصيل وحكى فيما إذا كان عاما للأمة دونه ، فالفعل لا يكون مخصصا له ، لعدم دخوله . وهل يكون تخصيصا أو نسخا في حق الأمة ، فيه التفصيل . 
وقد احتج أصحابنا بأن الصحابة خصت قوله عليه السلام في الجمع بين الجلد والرجم بفعله في رجم ماعز  والغامدية  قال ابن السمعاني    :  [ ص: 516 ] وعندي أن هذه بالنسخ أشبه ، وهو كما قال . ومثله  القفال الشاشي  برجمه ثم قال : فهو يدل على تخصيص آية الجلد بالأبكار . 
				
						
						
