التكليف لغة : من الكلفة بمعنى المشقة ، وفي الاصطلاح : قال ابن سراقة  من أصحابنا في أول كتابه أصول الفقه " : حده بعض أهل العلم بأنه إرادة المكلف من المكلف فعل ما يشق عليه . ا هـ . وقال الماوردي  في أدب الدنيا والدين " : الأمر بطاعة ، والنهي عن معصية ، ولذلك كان التكليف مقرونا بالرغبة والرهبة ، وكان ما تخلل كتابه من القصص عظة واعتبارا تقوى معها الرغبة ويزداد بها الرهبة . وقال القاضي    : هو الأمر بما فيه كلفة : أو النهي عما في الامتناع عنه كلفة ، وعد الندب والكراهة من التكليف .  [ ص: 51 ] وقال إمام الحرمين    : هو إلزام فيه كلفة 
، وعلى هذا فالندب والكراهة لا كلفة فيهما ، لأنها تنافي التخيير . 
قال في المنخول " : وهو المختار ، وفيه نظر ، لأن التخيير عبارة عما خير بين فعله وتركه ، والندب مطلوب الفعل مثاب عليه ، فلم يحصل التساوي ، وما نقلنا عن القاضي  تبعنا فيه إمام الحرمين  ، لكن الذي في التقريب " للقاضي    : أنه إلزام ما فيه كلفة كمقالة الإمام فلينظر ، فلعل له قولين . 
وزعم الإمام  أن الخلاف لفظي . 
والحاصل أنه يتناول الحظر والوجوب قطعا ، ولا يتناول الإباحة قطعا إلا عند الأستاذ أبي إسحاق  ، وفي تناوله الندب والكراهة خلاف وسلكت الحنفية مسلكا آخر فقالوا : التكليف ينقسم  إلى وجوب أداء ، وهو المطالبة بالفعل إيجادا أو إعداما ، وإلى وجوب في الذمة سابق عليه ، وعنوا به اشتغال الذمة بالواجب ، وإذا لم يصلح صاحب الذمة للإلزام ، كالصبي إذا أتلف مال إنسان فإن ذمته تشتغل بالعوض ، ثم إنما يجب الأداء على الولي . 
وزعموا استدعاء التكليف الأول عقلا وفهما للخطاب بخلاف الثاني : قالوا : الأول متلقى من الخطاب ، والثاني من الأسباب فمستغرق الوقت  [ ص: 52 ] بالنوم يقضي الصلاة مع ارتفاع قلم التكليف عن النائم ، ولكن لما كان الوجوب مضافا إلى أسباب شرعية دون الخطاب وجب القضاء لذلك . 
وزعموا أن سبب وجوب الصلاة الوقت ، والصوم الشهر ، وتسلقوا به إلى وجوب القضاء على المجنون إذا أفاق  في أثناء الشهر ، إذ الوجوب بالسبب وهو الشهر ، وقد وجد ، وعندنا لا وجوب إلا بالخطاب لا بالأسباب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					