[ ص: 198 ] مسألة [ طريق معرفة الصحابي    ] يعرف الصحابي بالتواتر والاستفاضة ، وبكونه مهاجرا أو أنصاريا ، وبقول صحابي آخر معلوم الصحبة ، وما يلزم منه أن يكون صحابيا كقوله : كنت أنا وفلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، أو دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذان يشترط فيهما أن يعرف إسلامه في تلك الحالة ، ويميز ، فأما إن ادعى العدل المعاصر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل يقبل قوله ؟  قال  القاضي أبو بكر    : نعم ; لأن وازع العدل يمنعه من الكذب ، إذا لم يرد عن الصحابة رد قوله ، وجرى عليه  ابن الصلاح  والنووي    . ومنهم من توقف في ثبوتها بقوله لما في ذلك من دعواه رتبة لنفسه ، وهو ظاهر كلام ابن القطان  المحدث ، وهو قوي ، فإن الشخص لو قال : أنا عدل ، لم تقبل لدعواه لنفسه مزية ، فكيف إذا ادعى الصحبة التي هي فوق العدالة ؟ . 
والأول حكاه  أبو بكر الصيرفي  في كتاب " الدلائل والأعلام " . قال : إذا ادعى رجل أنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ممن لا يعرف ، لم يقبل منه حتى تعلم عدالته . فإذا عرفت عدالته قبل منه أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، ورآه مع إمكان ذلك منه ; لأن الذي يدعيه دعوى لا أمارة معها ، وخالف أبو الحسين بن القطان  ، وقال : ومن يدعي صحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل منه حتى تعلم صحبته ، فإذا علمناها فما رواه فهو على السماع ، حتى يعلم من غيره ، وهو ظاهر كلام ابن السمعاني  ، فإنه قال : تعلم الصحبة إما بطريق  [ ص: 199 ] قطعي ، وهو خبر التواتر ، أو ظني وهو خبر الثقة ، ويخرج من كلام بعضهم قول ثالث ، وهو التفصيل بين أن يدعي الصحبة اليسيرة ، وقلنا بالاكتفاء بها في مسمى الصحابي فيقبل ; لأنه مما يتعذر إثباته بالنقل إذ ربما لا يحضره حالة اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وسلم أحد أو حال رؤيته إياه ، وإن ادعى طول الصحبة ، وكثرة التردد في السفر والحضر ، فإن مثل ذلك يشاهد وينقل ويشتهر ، فلا يثبت بقوله . ولم يقف  ابن الحاجب  على نقل في هذه المسألة ، فقال : لو قال المعاصر العدل : أنا صحابي احتمل الخلاف . 
وقال أبو عبد الله الصيمري  من الحنفية : لا يجوز عندنا الإخبار عن أحد بأنه صحابي إلا بعد وقوع العلم به ، إما اضطرارا أو اكتسابا ، وقيل : يجوز أن يخبر بذلك إذا أخبر به الصحابي . قلت    : وهو الصحيح ، وقد روى  البخاري  في المغازي عن الزهري  عن سنين بن جميلة  ، قال : زعم أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وخرج معه عام الفتح . أما إذا أخبر عنه عدل من التابعين أو تابعيهم أنه صحابي ، قال بعض " شراح اللمع " : لا أعرف فيه نقلا . قال : والذي يقتضيه القياس فيه أنه لا يقبل ذلك ، كما لا يقبل من ذلك مراسيله ; لأن تلك قضية لم يحضرها . ا هـ .  [ ص: 200 ] والظاهر قبوله ; لأنه لا يقول ذلك إلا بعد العلم به ، إما اضطرارا أو اكتسابا ، وإليه يشير كلام ابن السمعاني  السابق . قال الصيرفي    : ومن علم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حكاه على السماع ، حتى يعلم غيره ، سواء بين ذلك أو لا ، لظهور العدالة في الكل . 
				
						
						
