ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن المسلمين إذا اشتركا في قتل قتيل كان الخيار إلى الإمام في إعطاء أحدهما سلبه دون الآخر
4840 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال أخبرنا يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه ، [ ص: 172 ] عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : بينا أنا واقف بين الصف يوم بدر نظرت عن يميني وعن شمالي ، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار ، فبينا أنا كذلك ، إذ غمزني أحدهما ، فقال : أي عم ، هل تعرف أبا جهل بن هشام ؟ فقلت : نعم ، وما حاجتك إليه ، يا ابن أخي ؟ فقال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده ، لو رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ، قال : فأعجبني قوله ، قال : فغمزني الآخر ، وقال مثلها ، فلم أنشب أن رأيت أبا جهل يجول بين الناس ، فقلت لهما : هذا صاحبكما الذي تسلاني عنه ، فابتدراه ، فضرباه بسيفيهما فقتلاه ، ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبراه بما صنعا ، فقال : أيكما قتله ؟ فقال كل واحد منهما : أنا قتلته ، فقال : هل مسحتما سيفيكما ؟ قلنا : لا ، قال : فنظر في السيفين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كلاكما قتله ، ثم قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ، قال : والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ بن عفراء .
[ ص: 173 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه : هذا خبر أوهم جماعة من أئمتنا أن سلب القتيل إذا اشترك النفسان في قتله يكون خياره إلى الإمام ، بأن يعطيه أحد القاتلين ، من شاء منهما ، وكنا نقول به مدة ، ثم تدبرنا ، فإذا هذه القصة كانت يوم بدر ، وحينئذ لم يكن حكم سلب القتيل لقاتله ، ولما كان ذلك كذلك كان الخيار إلى الإمام ، أن يعطي ذلك أيما شاء من القاتلين ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلب أبي جهل حيث أعطاه معاذ بن عمرو بن الجموح ، وكان هو ومعاذ بن عفراء قاتليه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فله سلبه ، فكان ذلك يوم حنين ، ويوم حنين بعد بدر بسبع سنين ، فذلك ما وصفت على أن القاتلين ، إذا اشتركا في قتيل كان السلب لهما معا .


