وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به؛ خلافا لقول من نفى ذلك، محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ. وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ.
والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ؛ ولهذا كان الإجماع المنبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك.
وهذه نكتة نفيسة نافعة، ومن فوائدها: القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته؛ لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن. والله أعلم.
[ ص: 284 ]


