النوع الحادي والأربعون
معرفة الرواة الأكابر عن الأصاغر
ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر وأفضل من الراوي، نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك، فيجهل بذلك منزلتهما . وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم ".
ثم إن ذلك يقع على أضرب :
منها : أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه ، كالزهري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، في روايتهما عن مالك ، وكأبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين، أحد شيوخ الخطيب، روى عن الخطيب في بعض تصانيفه، والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه .
ومنها : أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه، بأن يكون حافظا عالما، والمروي عنه شيخا راويا فحسب ، كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار ، وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى ، في أشباه لذلك كثيرة .
ومنها : أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا، وذلك كرواية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم ، كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري، وكرواية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب، وكرواية الخطيب عن أبي نصر بن ماكولا، ونظائر ذلك كثيرة .
ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي كرواية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار .
[ ص: 990 ] [ ص: 991 ]


