940  - حدثنا سليمان بن شعيب  قال : ثنا  أسد  قال : ثنا ابن أبي ذئب  ، عن  الزهري  ، عن حميد بن عبد الرحمن  قال : رأيت عمر   وعثمان  يصليان المغرب في رمضان إذا أبصر إلى الليل الأسود ، ثم يفطران بعد . 
 فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في أن أول وقت المغرب ، حين تغرب الشمس . وهذا هو النظر أيضا ؛ لأنا قد رأينا دخول النهار وقتا لصلاة الصبح ، فكذلك دخول الليل وقت لصلاة المغرب وهو قول  أبي حنيفة  رحمه الله  وأبي يوسف   ومحمد  رحمهما الله ، وعامة الفقهاء واختلف الناس في خروج وقت المغرب فقال قوم : إذا غابت الشفق - وهو الحمرة - خرج وقتها ، وممن قال ذلك :  أبو يوسف   ومحمد  رحمه الله . 
وقال آخرون : إذا غاب الشفق وهو البياض الذي بعد الحمرة ، خرج وقتها ، وممن قال ذلك  أبو حنيفة  رحمه الله . وكان النظر في ذلك عندنا أنهم قد أجمعوا أن الحمرة التي قبل البياض من وقتها ، وإنما اختلافهم في البياض الذي بعده . فقال بعضهم : حكمه حكم الحمرة ، وقال بعضهم : حكمه خلاف حكم الحمرة . 
 [ ص: 156 ] فنظرنا في ذلك فرأينا الفجر يكون قبله حمرة ثم يتلوها بياض الفجر ، فكانت الحمرة والبياض في ذلك وقتا لصلاة واحدة ، وهو الفجر فإذا خرجا خرج وقتها . 
فالنظر على ذلك أن يكون البياض والحمرة في المغرب أيضا وقتا لصلاة واحدة وحكمهما حكم واحد ، إذا خرجا خرج وقتا الصلاة اللذان هما وقت لها . 
وأما العشاء الآخرة فإن تلك الآثار كلها فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها في أول يوم ، بعدما غاب الشفق ، إلا  جابر بن عبد الله  فإنه ذكر أنه صلاها قبل أن يغيب الشفق . 
فيحتمل ذلك - عندنا - والله أعلم أن يكون  جابر  عنى الشفق الذي هو البياض ، وعنى الآخرون الشفق الذي هو الحمرة ، فيكون قد صلاها بعد غيبوبة الحمرة ، وقبل غيبوبة البياض ، حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد . 
وفي ثبوت ما ذكرنا ما يدل على ما قال بعضهم : إن بعد غيبوبة الحمرة وقت المغرب إلى أن يغيب البياض . 
وأما آخر وقت العشاء الآخرة فإن  ابن عباس  رضي الله عنهما  وأبا سعيد الخدري  وأبا موسى  ، ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها إلى ثلث الليل ، ثم صلاها . 
وقال  جابر بن عبد الله  صلاها في وقت - قال بعضهم - هو ثلث الليل ، وقال بعضهم : هو نصف الليل . 
فاحتمل أن يكون صلاها قبل مضي الثلث ، فيكون مضي الثلث هو آخر وقتها . واحتمل أن يكون صلاها بعد الثلث ، فيكون قد بقيت بقية من وقتها بعد خروج الثلث . 
				
						
						
