7375 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو عمر ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن منصور بن المعتمر ، قال : قال إبراهيم النخعي : إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ردت إلى أول الفرض .
فإن احتج أهل المقالة الثانية لمذهبهم ، فقالوا : معنى الآثار المتصلة شاهدة لقولنا ، وليس ذلك مع مخالفنا .
قيل لهم : أما على مذهبكم فأكثرها لا يجب لكم به الحجة على مخالفكم ؛ لأنه لو احتج عليكم بمثل ذلك لم تسوغوه إياه ، ولجعلتموه باحتجاجه بذلك عليكم جاهلا بالحديث .
فمن ذلك أن حديث ثمامة بن عبد الله إنما وصله عبد الله بن المثنى وحده ، لا نعلم أحدا وصله غيره .
وأنتم لا تجعلون عبد الله بن المثنى حجة .
ثم قد جاء حماد بن سلمة ، وقدره عند أهل العلم في العلم أجل من قدر عبد الله بن المثنى ، وهو ممن يحتج به ، فروى هذا الحديث عن ثمامة منقطعا .
فكان يجيء على أصولكم أن يكون هذا الحديث يجب أن يدخل في معنى المنقطع ، ويخرج من معنى [ ص: 378 ] المتصل ؛ لأنكم تذهبون إلى أن زيادة غير الحافظ على الحافظ ، غير ملتفت إليها .
وأما حديث الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، فإنما رواه عن الزهري سليمان بن داود .
وقد سمعت ابن أبي داود يقول : سليمان بن داود هذا وسليمان بن داود الحراني عندهم ضعيفان جميعا .
وسليمان بن داود الذي يروي عن عمر بن عبد العزيز عندهم ثبت .
ومما يدل أيضا على وهاء هذا الحديث ، أن أصحاب الزهري المأخوذ علمه عنهم ، مثل يونس بن يزيد ، ومن روى عن الزهري في ذلك شيئا ، إنما روى عنه الصحيفة التي عند آل عمر رضي الله عنه .
أفترى الزهري يكون فرائض الإبل عنده ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، وهم جميعا أئمة وأهل علم مأخوذ عنهم - فيسكت عن ذلك ، ويضطره الأمر إلى الرجوع إلى صحيفة عمر غير مروية ، فيحدث الناس بها ؟ هذا عندنا مما لا يجوز على مثله .
فإن قال قائل : فإن حديث معمر عن عبد الله بن أبي بكر حديث متصل ، لا مطعن لأحد فيه .
قيل له : ما هو بمتصل ؛ لأن معمرا إنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن جده ، وجده محمد بن أبي بكر ، وهو لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ولد إلا بعد أن كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب لأبيه ؛ لأنه إنما ولد بنجران ، قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة ، ولم ينقل في هذا الحديث إلينا أن محمد بن عمرو بن حزم روى هذا الحديث عن أبيه .
فقد ثبت انقطاع هذا الحديث أيضا ، والمنقطع فأنتم لا تحتجون به .
فقد ثبت أن كل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب منقطع .
فإن كنتم لا تسوغون لمخالفكم الاحتجاج بالمنقطع ، في غير هذا الباب ، فلم تحتجون عليه في هذا الباب ؟ فلئن وجب أن يكون عدم الاتصال في موضع من المواضع يزيل قبول الخبر ، إنه ليجب أن يكون كذلك هو ، في كل المواضع .
ولئن وجب أن يقبل الخبر ، وإن لم يتصل إسناده ؛ لثقة من صمد به إليه في باب واحد ، إنه ليجب أن يقبل في كل الأبواب .
فإن قال قائل : أما حديث عمرو بن حزم فقد اضطرب واختلف فيه ، فلا حجة فيه لواحد من أهل هذه المقالات ، وغيره مما روي في هذا الباب أولى منه .
قيل له : ومن أين اضطرب حديث عمرو بن حزم ؟
أما قيس بن سعد قد رواه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، على ما قد ذكرنا عنه ، وقيس حجة حافظ .
[ ص: 379 ] وأما حديث الزهري الذي خالفه ، فإنما رواه عن الزهري ، من لا تقبلون أنتم روايته عن الزهري ؛ لضعفه عندكم .
وأما حديث معمر فإنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، وعبد الله بن أبي بكر ليس في الثبت والإتقان كقيس بن سعد .


