5196  - ومما يدل على أن السلب لا يجب للقاتل ، ما حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : ثنا  إبراهيم بن حمزة الزبيري  ، قال : ثنا  يوسف بن ماجشون  ، قال : حدثني صالح بن إبراهيم  ، عن  أبيه  ، عن  عبد الرحمن بن عوف  ، قال : إني لقائم يوم بدر بين غلامين حديثة أسنانهما ، تمنيت لو أني بين أضلع منهما . 
فغمزني أحدهما ، فقال : يا عم ، أتعرف أبا جهل  ؟ فقلت : ما حاجتك إليه يا ابن أخي ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده لئن رأيته ، لا يفارق سوادي سواده ، حتى يموت الأعجل منا ، فعجبت لذلك ، فغمزني الآخر ، فقال : مثلها . 
 [ ص: 228 ] فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل  يترجل في الناس ، فقلت : ألا تريان ، هذا صاحبكم الذي تسألان عنه ، فابتدراه ، فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه . 
ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه ، فقال : أيكما قتله ؟ فقال كل واحد منهما : أنا قتلته . 
فقال : أمسحتما سيفيكما ؟ قالا : لا . قال : فنظر في السيفين ، فقال : كلاكما قتله ، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح    . 
والرجلان : معاذ بن عمرو بن الجموح  ، والآخر  معاذ بن عفراء   . 
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لهما في هذا الحديث : أنتما قتلتماه ؟ ، ثم قضى بالسلب لأحدهما دون الآخر . 
ففي هذا دليل أن السلب لو كان واجبا للقاتل بقتله إياه ، لكان قد وجب سلبه لهما ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ينتزعه من أحدهما فيدفعه إلى الآخر . 
ألا ترى أن الإمام لو قال : من قتل قتيلا فله سلبه ، فقتل رجلان قتيلا أن سلبه لهما نصفين ، وأنه ليس للإمام أن يحرمه أحدهما ، ويدفعه إلى الآخر ؛ لأن كل واحد منهما له فيه من الحق مثل ما لصاحبه ، وهما أولى به من الإمام . 
فلما كان للنبي صلى الله عليه وسلم في سلب أبي جهل  أن يجعله لأحد قاتليه دون الآخر ، دل ذلك أنه كان أولى به منهما ؛ لأنه لم يكن قال يومئذ : من قتل قتيلا ، فله سلبه . 
				
						
						
