5818 5819 5820 ص: فلم يكن في شيء من هذه الآثار ما يدلنا على أن للواهب أن يرجع في هبته بنقضه إياها حتى يأخذها من الموهوب له ويردها إلى ملكه المتقدم الذي أخرجها منه بالهبة ، فنظرنا هل نجد فيما روي عن أصحاب رسول الله -عليه السلام - في ذلك شيء ; فإذا إبراهيم بن مرزوق حدثنا ، قال : ثنا مكي بن إبراهيم ، قال : ثنا حنظلة ، عن سالم قال : سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول : سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : "من وهب هبة فهو أحق بها حتى يثاب منها بما يرضي " .
حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن داود بن الحصين ، عن أبي غطفان بن طريف المزني ، عن مروان بن الحكم ، أن عمر بن الخطاب قال : من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب ، فهو على هبته [يرجع] فيها إن لم يرض منها .
فهذا عمر - رضي الله عنه - قد فرق بين الهبات والصدقات ، فجعل الصدقات لا يرجع فيها ، وجعل الهبات على ضربين :
فضرب منها صلة للأرحام ، فرد ذلك إلى حكم الصدقات ومنع الواهب من الرجوع فيها .
[ ص: 328 ] وضرب منها بخلاف ذلك ، فجعل للواهب أن يرجع فيها ما لم يرض منه .
حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق ، قال : ثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر - رضي الله عنه - قال : "من وهب هبة لذي رحم جازت ، ومن وهب هبة لغير ذي رحم فهو أحق بها ما لم يثب منها " .


