5653 ص: فكان من الحجة عليهم: أن هذه الآثار هكذا رويت: "أنها أرادت أن تشتريها فتعتقها فأبى أهلها إلا أن يكون ولاؤها لهم"، وقد رواها آخرون على خلاف ذلك. 
حدثنا  يونس،  قال: أنا  ابن وهب،  قال: أخبرني رجال من أهل العلم  ، منهم:  يونس بن يزيد  ،  والليث  ، عن  ابن شهاب  ، حدثهم عن  عروة بن الزبير  ، عن  عائشة   -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: جاءت  بريرة  إلي فقالت: يا  عائشة،  ، إني قد كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها  عائشة:   : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا ويكون ولاؤك لي فعلت. 
فذهبت إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله -عليه السلام- فقال: لا يمنعك منها ذلك، ابتاعي وأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق، وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فما بال ناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، فإنما الولاء لمن أعتق".   . 
 [ ص: 29 ] قال  أبو جعفر   : - رحمه الله -: ففي هذا الحديث غير ما في الأحاديث الأول؛ وذلك أن في الأحاديث الأول: أن أهل  بريرة  ، أرادوا أن يبيعوها، على أن تعتقها  عائشة  ويكون ولاؤها لهم، فقال النبي -عليه السلام-: "لا يمنعك ذلك، اشتريها فأعتقيها؛ فإنما الولاء لمن أعتق". 
فكان في هذا الحديث إباحة البيع أن يعتق المشتري، وعلى أن يكون ولاء المعتق للبائع، فإذا وقع ذلك ثبت البيع وبطل الشرط، وكان الولاء للمعتق. 
وفي حديث  عروة  ، عن  عائشة   -رضي الله عنها- قالت لها: "إن أحب أهلك أن أعطيهم ذلك - تريد الكتابة - صبة واحدة فعلت ويكون ولاؤك لي، فلما عرضت عليهم  بريرة  ذلك، قالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل، فقال رسول الله -عليه السلام-  لعائشة:  لا يمنعك ذلك منها، فأعتقيها؛ فإن الولاء لمن أعتق". 
فكان الذي في هذا الحديث فيما كان من أهل  بريرة  ، من اشتراط الولاء ليس في بيع، ولكن في أداء  عائشة  إليهم الكتابة عن  بريرة،  ، وهم تولوا عقد تلك الكتابية، ولم يكن تقدم ذلك الأداء من  عائشة  ملك، فذكرت ذلك  عائشة  للنبي -عليه السلام-، فقال: لا يمنعك ذلك منها، أي: لا ترجعي لهذا المعنى عما كنت نويت في عتاقها من الثواب؛ اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق، فكان ذكر الشراء ها هنا ابتداء من النبي -عليه السلام- ليس مما كان قبل ذلك بين  عائشة  وبين أهل  بريرة  في شيء. 
ثم قام النبي -عليه السلام- فخطب فقال:  "ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط" إنكارا منه على  عائشة  في طلبها ولاء من تولى غيرها كتابته بحق ملكه عليه، ثم نبهها وعلمها بقوله:  "فإنما الولاء لمن أعتق" أي أن المكاتب إذا أعتق بالكتابة فمكاتبه هو الذي أعتقه، فولاؤه له. 
فهذا حديث فيه ضد ما في غيره من الأحاديث الأول، وليس فيه دليل على اشتراط الولاء في البيع كيف حكمه، هل يجب به فساد البيع أم لا؟ 
     	
		 [ ص: 30 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					