2213 ص: فهؤلاء جميعا قد أباحوا ركعتي الفجر أن يركعهما في مؤخر المسجد والإمام في الصلاة، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فإن الذين ذهبوا إلى أنه يدخل في الفريضة ويدع الركعتين فإنهم قالوا: تشاغله بالفريضة أولى من تشاغله بالتطوع وأفضل، فكان من الحجة عليهم في ذلك: أنهم قد أجمعوا أنه لو كان في منزله فعلم دخول الإمام في صلاة الفجر أنه ينبغي له أن يركع ركعتي الفجر ما لم يخف فوت صلاة الإمام، فإن خاف فوت صلاة الإمام لم يصلهما ; لأنه إنما أمر أن يجعلهما قبل الصلاة ولم يجمعوا أن تشاغله بالسعي إلى الفريضة أفضل من تشاغله بهما في منزله، وقد أكدتا ما لم يؤكد شيء من التطوع، وروي أن رسول الله - عليه السلام - لم يكن على شيء من التطوع أدوم منه عليهما، وأنه قال: "لا تتركوهما وإن طردتكم الخيل"، فلما كانتا قد أكدتا هذا التأكيد ورغب فيهما هذا الترغيب ونهي عن تركهما هذا النهي، وكانتا تركعان في المنازل قبل الفريضة ; كانتا أيضا في النظر تركعان في المساجد قبل الفريضة قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
[ ص: 85 ]


