2197 ص: فمن الحجة عليهم للآخرين أنه قد يجوز أن يكون قوله: "كان خلف الناس" أي كان خلف صفوفهم لا فصل بينه وبينهم، فكان شبه المخالط لهم، فذلك أيضا داخل في معنى ما بان من حديث ابن بحينة، وذلك مكروه عندنا، وإنما يجب أن يصليهما في مؤخر المسجد ثم يمشي من ذلك المكان إلى أول المسجد فأما أن يصليهما مخالطا لمن يصلي الفريضة فلا.
وقد حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة، قال: كان ابن عباس - رضي الله عنه - يقول: "يا أيها الناس، ألا تتقون الله، افصلوا بين صلاتكم. قال: وكان ابن عباس لا يصلي الركعتين بعد المغرب إلا في بيته"، فأراد عبد الله بن عباس منهم الفصل بين الفريضة والتطوع.
وذلك الذي أريد في حديث أبي هريرة وابن بحينة وعبد الله بن سرجس - رضي الله عنه -، ونحن نستحب أيضا الفصل بين الفرائض والنوافل بما أمر به رسول الله - عليه السلام - فيما روينا في هذا الباب، ولا نرى بأسا لمن لم يكن ركع ركعتي الفجر حتى جاء المسجد وقد دخل الإمام في صلاة الصبح أن يركعهما في مؤخر المسجد، ثم يمشي إلى مقدمه فيصلي مع الناس، ألا ترى أن ذلك لو كان في ظهر أو عصر أو عشاء لم يكن به بأس ولا يكون فاعل ذلك واصلا بين فريضة وتطوع، فكذلك إذا كان في صبح فلا بأس به ولا يكون فاعله واصلا بين فريضة وتطوع، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
[ ص: 74 ]


