4895  [ ص: 610 ]  83 - باب: موعظة الرجل ابنته لحال زوجها  
 5191  - حدثنا  أبو اليمان ،  أخبرنا  شعيب ،  عن  الزهري  قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ،  عن  عبد الله بن عباس   - رضي الله عنهما - قال : لم أزل حريصا أن أسأل  عمر بن الخطاب  عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما   [التحريم : 4 ] حتى حج وحججت معه ، وعدل وعدلت معه بإداوة ، فتبرز ، ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما    [التحريم : 4 ] ؟ قال واعجبا لك يا  ابن عباس ،  هما  عائشة  وحفصة .  
ثم استقبل  عمر  الحديث يسوقه قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار  في بني أمية بن زيد ،  وهم من عوالي المدينة ،  وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما ، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك ، وكنا معشر قريش  نغلب النساء ، فلما قدمنا على الأنصار  إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار ،  فصخبت على امرأتي فراجعتني ، فأنكرت أن تراجعني ، قالت : ولم تنكر أن أراجعك ، فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه ، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل . فأفزعني ذلك وقلت لها : وقد خاب من فعل ذلك منهن . ثم جمعت علي ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة  فقلت لها : أي حفصة  أتغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل ؟ قالت : نعم . فقلت : قد خبت وخسرت ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكي ؟ ! لا تستكثري النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ، ولا تهجريه ، وسليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك ، وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد  عائشة   - . 
قال  عمر :  وكنا قد تحدثنا أن غسان  تنعل الخيل لغزونا ، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته ، فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال : أثم هو ؟ 
 [ ص: 611 ] ففزعت فخرجت إليه ، فقال : قد حدث اليوم أمر عظيم . قلت : ما هو ؟ أجاء غسان ؟  قال : لا ، بل أعظم من ذلك وأهول ، طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه . فقلت : خابت حفصة  وخسرت ، قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون ، فجمعت علي ثيابي ، فصليت صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مشربة له فاعتزل فيها ، ودخلت على حفصة  فإذا هي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ ألم أكن حذرتك هذا ، أطلقكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : لا أدري ، ها هو ذا معتزل في المشربة . فخرجت فجئت إلى المنبر ، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم ، فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد ، فجئت المشربة التي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت لغلام له أسود : استأذن  لعمر .  
فدخل الغلام فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع فقال : كلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرتك له ، فصمت . فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد ، فجئت فقلت للغلام : استأذن  لعمر .  فدخل ثم رجع فقال : قد ذكرتك له ، فصمت . فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد ، فجئت الغلام فقلت : استأذن  لعمر .  فدخل ثم رجع إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت . فلما وليت منصرفا -قال : - إذا الغلام يدعوني فقال : قد أذن لك النبي - صلى الله عليه وسلم - . فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير ، ليس بينه وبينه فراش ، قد أثر الرمال بجنبه ، متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف ، فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم : يا رسول الله ، أطلقت نساءك ؟ فرفع إلي بصره فقال : " لا " . فقلت : الله أكبر . ثم قلت وأنا قائم أستأنس : يا رسول الله ، لو رأيتني وكنا معشر قريش  نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة  إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قلت : يا رسول الله ، لو رأيتني ودخلت على حفصة  فقلت لها : لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -يريد  عائشة   - فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسمة أخرى ، فجلست حين رأيته تبسم ، فرفعت بصري في بيته ، فوالله ما رأيت في بيته شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة ، فقلت : يا رسول الله ، ادع الله فليوسع على أمتك ، فإن فارسا والروم  قد وسع عليهم ، وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله . فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -وكان متكئا . 
 [ ص: 612 ] فقال : " أوفى هذا أنت يا  ابن الخطاب ؟  إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا " . فقلت : يا رسول الله ، استغفر لي . 
فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة  إلى  عائشة  تسعا وعشرين ليلة ، وكان قال : "ما أنا بداخل عليهن شهرا " . من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على  عائشة  فبدأ بها ، فقالت له  عائشة   : يا رسول الله ، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا ، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدا . فقال : "الشهر تسع وعشرون " . فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة . 
قالت  عائشة   : ثم أنزل الله تعالى آية التخير فبدأ بي أول امرأة من نسائه فاخترته ، ثم خير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالت  عائشة   .  [انظر : 89 - مسلم: 1479 - فتح: 9 \ 278 ] . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					