2904  - حدثنا  علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان  ، عن عمرو  ، عن  الزهري ،  عن  مالك بن أوس بن الحدثان  ، عن  عمر   - رضي الله عنه - قال : كانت أموال بني النضير  مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، وكان ينفق على أهله نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع ، عدة في سبيل الله . 
ذكر فيه ثلاثة أحاديث . 
أحدها : حديث  أنس   : كان  أبو طلحة  يتترس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بترس واحد ، وكان أبو طلحة حسن الرمي ، فكان إذا رمى تشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فينظر إلى موضع نبله  . 
ثانيها : حديث سهل   : لما كسرت رباعيته ، وكان علي  يختلف بالماء في المجن ، وكانت فاطمة  تغسله ، فلما رأت الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير ، فأحرقتها وألصقتها على جرحه ، فرقأ الدم . 
 [ ص: 623 ] ثالثها : حديث  عمر   : كانت أموال بني النضير  مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، وكان ينفق على أهله نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله  . 
الشرح : 
حديث  أنس  من أفراده . 
ومعنى :  (يتترس مع رسول الله بترس واحد ) قيل : يريد لأن الرامي لا يمسك الترس إنما يرمي بيديه جميعا ، فيستره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا يرمى وكان حسن الرمي وانكسر في يده قوسان أو ثلاثة ، وفي رواية : أنه كان يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تشرف فيصيبك العدو ، نحري دون نحرك  . 
وفي حديث سهل  ما أصيب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد مما ذكر من كسر البيضة والرباعية ، وهي السن التي بين الثنية والناب ، وإدماء وجهه ، أدماه عتبة بن أبي وقاص  أخو سعد  ، ورماه ابن قمئة  ، وقال : خذها وأنا ابن قمئة  ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :  "أقمأك الله في النار " فدخل بعد ذلك صبرة غنم فنطحه تيس منها ، وواراه فلم يوجد له مكان ، وأراد أبي بن خلف  أن يرميه ، فأراد طلحة  أن يحول بينه وبينه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : "كما أنت " ، ورمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبيا فأصابه تحت سابغة الدرع في نحره فمات من يومه . 
وقوله :  (فرقأ الدم ) وهو مهموز أي : أمسك عن الجري . 
 [ ص: 624 ] قال صاحب "الأفعال " : يقال : رقأ الدم والدمع رقوءا : سكن بعد جريه . 
وقوله :  (مما لم يوجف ) يقال : وجف البعير يجف وجفا ووجيفا ، وهو ضرب من سيره ، وأوجفه صاحبه إذا سار به ذلك السير ، قال  ابن فارس   : أوجف أعنق في السير ، وقال نحوه الهروي ، ووجيفها سرعتها في سيرها ، وأوجفها راكبها ، وكانت غزوة بني النضير في سنة أربع  ، وقال  ابن شهاب   : سنة ثلاث . 
و (الكراع ) : اسم لجميع الخيل . 
وفيه : -كما قال  المهلب   - ركوب شيء من (الغرر ) للإمام لحرصه على معاينة مكان العدو ، وإن كان احتراس الإمام خطيرا ، أو ليس كسائر الناس في ذلك بل هو آكد . 
وفيه : اختفاء السلطان عند اصطفاف القتال لئلا يعرف مكانه . 
وفيه : امتحان الأنبياء وابتلاؤهم   (كما سلف ) ليعظم بذلك أجرهم ، ويكون أسوة بمن ناله جرح وألم من أصحابه فلا يجدون في أنفسهم مما نالهم غضاضة ، ولا يجد الشيطان السبيل إليهم بأن يقول لهم : تقتلون أنفسكم ، وتحملون الآلام في صون هذا ، فإذا أصابه ما أصابهم فقدت هذه المكيدة من اللعين ، وتأسى الناس به ، وجدوا في مساواتهم له في جميع أحواله . 
 [ ص: 625 ] وفيه : خدمة الإمام ، وبذل (السلاح ) فيما يضرها إذا كان في ذلك منفعة لخطير من الناس . 
وفيه : دليل أن ترسهم كانت متقعرة ولم تكن منبسطة ، فلذلك كان يمكن حمل الماء فيها . 
وفيه : أن النساء ألطف بمعالجة الرجال الجرحى   . 
 [ ص: 626 ]  - 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					