قسم خمس الركاز قلت : أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا وله أقارب فقراء ، منهم من يضمنه الحاكم نفقته ومنهم من لا يضمنه الحاكم نفقته ، أيجعل خمس هذا الركاز فيهم أم لا  ؟ فقال : لا يخصهم بذلك ولكن يعطيهم كما يعطي غيرهم من الفقراء فقراء موضعه ، وذلك أن  مالكا  كره أن يعطي الرجل زكاته أقاربه الذين لا يضمن نفقتهم لمكان محمدتهم إياه ، وقضاء مذمة كانت عليه ودفع صلات كانوا يرتجونها منه ، فلو صح ذلك عنده ولم يكن بذلك بأسا . 
قال : وإنما كان يقول لنا  مالك    : إنما أخاف بذكر هذه الأشياء يحمدونه عليها . قال ابن القاسم    : فهذا الخمس إن كان لا يدفع به شيئا مما وصفته لك من مذمة ولا يتخذ به محمدة إلا على وجه الاجتهاد لهم كاجتهاده في غيرهم ، فلا أرى بذلك بأسا . 
قال : فأما ولد أو والد فلا يعجبني ذلك ، لأن نفقتهم تلزمه فهو إذا أعطاهم دفع عن نفسه بعطيتهم نفقتهم ، وإن كانوا أغنياء فغيرهم أحق بذلك منهم . وقد قال غيره : إذا أعطاهم كما يعطي غيرهم من الأباعد على غير إيثار جاز ، لأن الخمس فيء وليس هو مثل الزكاة التي لا تحل لغني ، والفيء يحل للغني والفقير إلا أن الفقير يؤثر على الغني . 
قلت لابن القاسم    : أرأيت هذا الخمس لم لا يعطيه ولده ولا والده الذين يضمن نفقتهم فيغنيهم بذلك ويدفع عنهم نفقتهم ، وهذا الخمس إنما هو عندك فيء وهؤلاء فقراء ؟ فقال : ينبغي له أن ينظر إلى من هو أفقر من هؤلاء الذين يضمن هو نفقتهم فهم أولى بذلك ، لأن الوالدين لو كانا فقيرين أحدهما له من ينفق عليه والآخر ليس له من ينفق عليه ، بدأ بهذا الذي ليس له من ينفق عليه فكذلك هذا الرجل . وقد سئل  مالك  وأنا قاعد عنده ، عن رجل محتاج له أب موسر أترى أن يعطى من القسم شيئا ؟ 
قال : إن كان لا يناله معروف أبيه فلا أرى به بأسا ، قال ابن القاسم    : وإن كان يناله معروف والده فغيره من أهل الحاجة ممن لا يناله معروف أحد أولى بذلك . 
قلت : أي شيء هذا القسم ؟ 
قال : هو الزكاة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					