( قوله : وقتل امرأة وغير مكلف وشيخ فان وأعمى ومقعدا إلا أن يكون أحدهم ذا رأي في الحرب أو ملكا ) أي نهينا عن قتل هؤلاء ; لأن المبيح للقتل عندنا هو الحراب ولا يتحقق منهم ولهذا لا يقتل يابس الشق ، والمقطوع اليمين ، والمقطوع يده ورجله من خلاف ، والراهب الذي لم يقاتل وأهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس ، وقد صح أن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الصبيان ، والنساء } { وحين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة قال هاه ما كانت هذه تقاتل فلم قتلت } ، وأما إذا كان لأحدهم رأي في الحرب أو كان ملكا فقد يتعدى ضرره إلى العباد ولا يقتل من قاتل دفعا لشره ولأن القتال مبيح حقيقة وغير المكلف شامل للصبي ، والمجنون غير أنهما يقتلان ما داما يقاتلان وغيرهما لا بأس بقتله بعد الأسر ; لأنه من أهل العقاب لتوجه الخطاب نحوه ، وإن أمكن السبي ، وإن كان يجن ويفيق فهو في حالة إفاقته كالصحيح وفي التتارخانية لا يقتل المعتوه وفي فتح القدير ثم المراد بالشيخ الفاني الذي لا يقتل ، من لا يقدر على القتال ولا الصياح عند التقاء الصفين ولا على الإحبال ; لأنه يجيء منه الولد فيكثر محارب المسلمين ذكره في الذخيرة وزاد الشيخ أبو بكر الرازي في كتاب المرتد من شرح الطحاوي أنه إذا كان كامل العقل نقتله ومثله نقتله إذا ارتدوا الذي لا نقتله الشيخ الفاني الذي خرف وزال عقله وخرج عن حدود العقلاء ، والمميزين فحينئذ يكون بمنزلة المجنون فلا نقتله ولا إذا ارتد قال : وأما الزمنى فهم بمنزلة الشيوخ فيجوز قتلهم إذا رأى الإمام ذلك بعد أن يكونوا عقلاء ونقتلهم أيضا إذا ارتدوا ا هـ .
وفي الذخيرة ونقتل الأخرس ، والأصم ، والمقطوع اليسرى وفي التتارخانية ولا نقتل من في بلوغه شك ولا بأس بنبش قبورهم طلبا للمال ، وإذا كان بالمسلمين قوة على حمل من لا يقتل وإخراجهم إلى دار الإسلام لا ينبغي لهم أن يتركوا في دار الحرب امرأة ولا صبيا ولا معتوها ولا أعمى ولا مقعدا ولا مقطوع اليد ، والرجل من خلاف ولا مقطوع اليد اليمنى ; لأن هؤلاء يولد لهم ففي تركهم عون على المسلمين ، وأما الشيخ الفاني الذي لا يلقح ، فإن شاء أخرجه ، وإن شاء تركه وكذلك الرهبان وأصحاب الصوامع إذا ما كانوا ممن لا [ ص: 85 ] يصيبون النساء كذلك العجوز الذي لا يرجى ولدها ، فإن شاء الإمام أخرجهم ، وإن شاء تركهم . ا هـ .
وفي البدائع لو قتل من لا يحل له قتله ممن ذكرنا فلا شيء فيه من دية ولا كفارة إلا التوبة ، والاستغفار ; لأن دم الكافر لا يتقوم إلا بالأمان ولم يوجد ( قوله : وقتل أب مشرك ) أي نهينا عن ابتداء أبيه بالقتل لقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق فيناقضه الإطلاق في إفنائه ولو قتله لا شيء عليه لعدم العاصم ( قوله وليأب الابن ليقتله غيره ) أي ليمتنع الابن من إطلاقه وقتله ليقتله غيره ; لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحامه المأثم ، فإذا أدركه في الصف يشغله بالمحاولة بأن يعرقب فرسه أو يطرحه من فرسه ويلجئه إلى مكان ولا ينبغي أن ينصرف عنه ويتركه ; لأنه يصير حربا علينا ولو قال المصنف وقتل أصله المشرك لكان أولى ; لأن هذا الحكم لا يخص الأب ; لأن أمه وأجداده وجداته من قبل الأب والأم كالأب فلا يبتدئهم بالقتل وخرج فرعه ، وإن سفل فللأب أن يبتدئ بقتل ابنه الكافر ; لأنه لا يجب عليه إحياؤه وكذا أخوه وخاله وعمه ، والمشركون ولذا لم يجب عليه الإنفاق عليهم إلا بشرط الإسلام وقيدنا بالابتداء ; لأنه لو قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله لا بأس به ; لأن مقصوده الدفع ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه إلا بقتله لا بأس بقتله لما بينا فهذا أولى وقيد بالمشرك ; لأن الباغي يكره ابتداء القريب سواء كان أبا أو أخا أو غيرهما ; لأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق عليه لاتحاد الدين فكذا بترك القتل
وأما في الرجم إذا كان الابن أحد الشهود فيبتدئ بالرجم ولا يقصد قتله بأن يرميه مثلا بحصاة .


