فصل . 
وإن أحرم مطلقا ، بأن نوى نفس الإحرام ولم يعين نسكا  صح ( و ) كإحرامه بمثل إحرام فلان ، ثم يجعله ما شاء ، نص عليه ( و هـ    م    ) بالنية لا باللفظ ، ولا يجزئه العمل قبل النية ، كابتداء الإحرام ، وقال الحنفية : فإن طاف شوطا كان للعمرة ; لأنه ركن فيه ، فكان أهم ، وكذا لو أحصر أو جامع ; لأنه أقل ، وإن وقف بعرفة  كان للحج ، كذا قالوا . 
وقال  أحمد  أيضا : يجعله عمرة ، كإحرامه بمثل إحرام فلان . وقاله  القاضي  إن كان في غير أشهره ، وذكر غيره أنه أولى ، كابتداء إحرام الحج في غيرها . 
 [ ص: 334 ] على ما سبق . وقال الشافعية : إن جعله حجا بعد دخول أشهره لم يجزئ في الأصح ، بناء على انعقاده عمرة لا مبهما . 
وفي الرعاية : إن شرطنا تعيين ما أحرم به بطل المطلق ، كذا قال . وإن أبهم إحرامه فأحرم بما أحرم به فلان أو بمثله صح ، لخبر  جابر    { أن  عليا  قدم من اليمن  فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت ؟ قال : بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال فاهد وامكث حراما   } وفي خبر  أنس    : { أهللت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم   } . وعن أبي موسى    { أنه أحرم كذلك قال سقت من هدي ؟ قال : لا ، قال : فطف بالبيت  وبالصفا  والمروة  ثم حل   } متفق عليهما ، فإن علم انعقد بمثله ، فإن كان مطلقا فكما سبق ، فظاهره لا يلزمه صرفه إلى ما يصرف إليه ، كظاهر مذهب  الشافعي  ، ولا إلى ما كان صرفه إليه ، كأصح الوجهين لهم ، وأطلق بعض أصحابنا احتمالين ، وظاهر كلام أصحابنا : يعمل بقوله لا بما وقع في نفسه ، وللشافعية وجهان ، وإن كان إحرامه فاسدا فيتوجه الخلاف لنا وللشافعية فيما إذا نذر عبادة فاسدة هل تنعقد بصحيحة  ؟ وإن جهله فكمنسي على ما يأتي . 
وقال الحنفية : يجعل نفسه قارنا ، وكذا عندنا إن شك هل أحرم  ، ذكره في الكافي ، والأشهر كما لو لم يحرم ، فيكون إحرامه مطلقا ، وظاهره : ولو علم بأنه لم يحرم ، كظاهر مذهب  الشافعي  ، لجزمه بالإحرام ، بخلاف : إن كان محرما فقد أحرمت ، فلم يكن محرما . ولو قال : إن أحرم  [ ص: 335 ] زيد فأنا محرم ،  فيتوجه أن لا يصح ( و ) ولو قال : أحرمت يوما أو بنصف نسك  ونحوهما فيتوجه خلاف ، أو يصح ، كالشافعية ، وإن أحرم بنسك ونسيه  جعله عمرة ، نقله أبو داود  ، كما لو نذر الإحرام بنسك ونسيه    ; لأنها اليقين . احتج به  القاضي   وابن عقيل  وغيرهما ، ومرادهم : له جعله عمرة ، لا تعيينها ،  وعنه    : ما شاء ، جزم به  القاضي  وجماعة ، وحمل نص  أحمد  على الندب . وأطلق جماعة : هل يجعله ما شاء أو عمرة ؟ على وجهين : فإن عينه بقران صح حجه ، وقيل : يلزمه دم قران ، احتياطا ، وقيل : وتصح عمرته ، بناء على إدخال العمرة على الحج لحاجة ، فيلزمه دم قران ، وإن عينه بتمتع فكفسخ حج إلى عمرة ، ويلزمه دم المتعة ويجزئه عنهما . وإن كان شكه بعد طواف العمرة جعله عمرة ، لامتناع إدخال الحج إذن لمن لا هدي معه ، فإذا سعى وحلق فمع بقاء وقت الوقوف يحرم بالحج ويتمه ويجزئه ، ويلزمه دم للحلق في غير وقته إن كان حاجا ، وإلا فدم متعة . وإن كان شكه بعد طواف العمرة وجعله حجا أو قرانا تحلل بفعل الحج ولم يجزئه واحد منهما ، للشك ، لأنه يحتمل أن المنسي عمرة ، . 
 [ ص: 336 ] فلا يصح إدخاله عليها بعد طوافها ، ويحتمل أنه حج فلا يصح إدخالها عليه ، ولا دم ولا قضاء ، للشك في سببهما ، وقال الشافعية : إن أحرم بنسك ونسيه  جعله قرانا ، في الجديد ، فيتمه ويجزئه عن الحج ، ولا يجزئه عن العمرة ، في الأصح ، إلا إن جاز إدخالها على الحج فيلزمه دم القران إذن ، وإلا فلا ، في الأصح ، قال أصحابه : ولم يذكر  الشافعي  القران ; لأنه لا بد منه ، فلو جعله [ حجا وأتى بعمله أجزأه ، وإن جعل عمرة ] وأتى بأعمال القران أجزأه عنها إن جاز إدخالها على الحج ، ولو لم يجعله شيئا وأتى بعمل الحج تحلل ولم يجزئه واحد منهما لشكه فيما أتى به ، ولو أتى بعمل العمرة  لم يتحلل لاحتمال أنه أحرم بحج ولم يتم عمله . وإن عرض شكه بعد الوقوف وقبل الطواف  أجزأه الحج إن وقف ثانيا لاحتمال أنه كان معتمرا ، فلا يجزئه ذلك الوقوف عن الحج ، وإن عرض بعد الطواف وقبل الوقوف فنوى قارنا وأتى بعمله  لم يجزئه عن حج ولا عمرة . 
وقال جماعة منهم : يتم أعمال العمرة ومنها الحلق أو التقصير ثم يحرم بالحج ، ويأتي به فيصح حجه . قال أكثرهم : إن فعل هذا صح حجه . ولا نفتيه به ، لاحتمال أنه كان محرما بحج ، وإن هذا الحلق في غير وقته . وقال بعضهم : يباح بالعذر ، قالوا : ويلزم غير المكي دم عن الواجب عليه . 
 [ ص: 337 ] ولا يعين جهته ; لأنه إن كان معتمرا فدم متعة ، وإلا فقد حلق في غير وقته ، فإن عجز صام كمتمتع ، ولا يعين الجهة في صيام ثلاثة ، فإن صام ثلاثة فقط  ففي براءة ذمته وجهان ، وكذا إن عرض الشك بعد الطواف والوقوف . 
وفي القديم : يتحرى ويعمل بظنه ، والأصح : يجزئه . 
وقال الحنفية : إن أحرم بنسك ونسيه أو شك فيه قبل أن يأتي بفعل من أفعاله وتحرى فلم يظهر له  لزمه أن يكون قارنا ، احتياطا 
				
						
						
