واستحب الآجري   صوم شعبان  ، ولم يذكره غيره ، وسبق كلام صاحب المحرر ، وكذا قال ابن الجوزي  في كتاب أسباب الهداية : يستحب صوم الأشهر الحرم وشعبان كله  ، وهو ظاهر ما ذكره صاحب المحرر في الأشهر الحرم ، وقد روى  أحمد  وأبو داود  وغيرهما من رواية مجيبة الباهلي  ولا يعرف { عن رجل من باهلة  أنه عليه السلام أمره بصوم الأشهر الحرم   } ، وفي الخبر اختلاف ، وضعفه بعضهم ، ولهذا والله أعلم لم يذكر استحبابه الأكثر ، وصوم شعبان كله إلا قليلا في الصحيحين عن  عائشة  ، وقيل : قولها : كله . قيل : غالبه ، وقيل : يصومه كله في وقت ، وقيل : يفرق صومه كله في سنتين ،  ولأحمد   ومسلم  وأبي داود   والنسائي    { عن  عائشة    : لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 120 ] قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهرا كاملا غير رمضان   } . قال في شرح  مسلم    : قال العلماء : إنما لم يستكمل غيره لئلا يظن وجوبه . وعنها أيضا : والله إن صام شهرا معلوما سوى رمضان حتى مضى لوجهه ولا أفطره حتى يصيب منه .  ولمسلم    : منذ قدم المدينة    . وعن  ابن عباس    : ما صام شهرا كاملا قط غير رمضان .  ولمسلم    : منذ قدم المدينة  متفق عليهما ، وصوم شعبان كله في السنن عن  أم سلمة  ، ورواهما  أحمد  ، ولعل ظاهر ما ذكره الآجري   أنه أفضل من المحرم وغيره ، ووجهه قول  أسامة بن زيد    : لم يكن عليه السلام يصوم من شهر ما يصوم من شعبان ، وقال : ذلك شهر يغفل الناس عنه . رواه أبو بكر البزار   وأبو بكر بن أبي شيبة  ، وفي لفظه : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : { ترفع فيه أعمال الناس ، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم   } وروى اللفظين  أحمد   والنسائي  ، والإسناد جيد ، وروى سعيد    : حدثنا  عبد العزيز بن محمد  عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد  قال : أظنه عن  محمد بن إبراهيم التيمي    { أن  أسامة بن زيد  كان يصوم شهر المحرم ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام شوال ، فما زال  أسامة  يصومه حتى لقي الله   } . إسناد جيد ، إلا أنه قال : أظنه ورواه  ابن ماجه  عن  محمد بن الصباح  عنه ، ولم يشك . وفيه أنه كان يصوم الأشهر الحرم . فقال له { صم شوالا   } فتركها ولم يزل يصومه حتى مات . وللترمذي  وقال : غريب وأبي يعلى الموصلي   وابن حبان  من رواية صدقة الدقيقي  وهو ضعيف عن ثابت  عن  أنس  ، { سئل عليه السلام  [ ص: 121 ] عن أفضل الصيام قال : شعبان تعظيما لرمضان وأي الصدقة أفضل ؟ قال : صدقة في رمضان   } . 
وذكرت امرأة لعائشة  أنها تصوم رجبا فقالت : إن كنت صائمة شهرا لا محالة فعليك بشعبان فإن فيه الفضل . رواه  حميد بن زنجويه الحافظ   وأبو زرعة الرازي  ، وسأل رجل  عائشة  عن الصيام فقالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله   } . رواه  أحمد  في مسنده ، وعن  أبي هريرة    { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فقلت : أرأيت أحب الشهور إليك الصوم في شعبان ؟ فقال : إن الله يكتب في شعبان حين يقسم من يميته تلك السنة فأحب أن يأتي أجلي وأنا صائم   } رواه  أبو الشيخ الأصباني  من رواية  مسلم بن خالد الزنجي  عن طريف  ، قال  العقيلي  في طريف    : لا يتابع على حديثه وروى يحيى بن صاعد  وابن البناء  من أصحابنا هذا المعنى من حديث  عائشة    . والله أعلم . وقد قال ابن هبيرة  في كون أكثر صومه عليه السلام في شعبان قال : ما أرى هذا إلا من طريق الرياضة ، لأن الإنسان إذا هجم بنفسه على أمر لم يتعوده صعب ذلك عليها ، فدرجها بالصوم في شعبان لأجل شهر رمضان ، كذا قال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					