[ ص: 239 ] باب التعزير  قوله ( وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة كالاستمتاع الذي لا يوجب الحد ، وإتيان المرأة المرأة  ، وسرقة ما لا يوجب القطع  ، والجناية على الناس بما لا قصاص فيه  ، والقذف بغير الزنا  ونحوه ) إذا كانت المعصية لا حد فيها ولا كفارة كما مثل  المصنف  وفعلها : فإنه يعزر . وقد يفعل معصية لا كفارة فيها ، ولا حد ، ولا تعزير أيضا . كما لو شتم نفسه أو سبها    . قاله  القاضي    . ومال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : إلى وجوب التعزير . قلت    : وهو ظاهر كلام  المصنف  ، وغيره . وإن كان فيها حد : فقد يعزر معه وقد تقدم بعض ذلك في مسائل متفرقة . منها : الزيادة على الحد إذا شرب الخمر في رمضان    . قال الزركشي    : ولا يشرع التعزير فيما فيه حد . إلا على ما قاله أبو العباس بن تيمية  رحمه الله في شارب الخمر يعني : في جواز قتله وفيما إذا أتى حدا في الحرم   فإن بعض الأصحاب قال : يغلظ . وهو نظير تغليظ الدية بالقتل في ذلك . انتهى . 
وإن كانت المعصية فيها كفارة كالظهار ، وقتل شبه العمد ونحوه ، كالفطر في رمضان بالجماع فهذا لا تعزير فيه مع الكفارة على الصحيح من المذهب . وهو ظاهر كلام  المصنف  هنا ، وصاحب الوجيز ، والهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم .  [ ص: 240 ] قال في الفروع : وهو الأشهر ، واختاره  القاضي    . ذكره عنه في النكت . وقيل : يعزر أيضا . وأطلقهما في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والزركشي    . قال في الفروع : وقولنا " لا كفارة " فائدته في الظهار ، وشبه العمد ، ونحوهما لا في اليمين الغموس إن وجبت الكفارة ; لاختلاف سببها وسبب التعزير . فيجب التعزير مع الكفارة فيها . 
قوله ( وهو واجب ) . هذا المذهب مطلقا . وعليه الأصحاب ، ونص عليه في سب الصحابي . كحد ، وكحق آدمي طلبه . وهو من مفردات المذهب .  وعنه    : مندوب ، نص عليه في تعزير رقيقه على معصية ، وشاهد زور . وفي الواضح : في وجوب التعزير روايتان . وفي الأحكام السلطانية : إن تشاتم والد وولده    : لم يعزر الوالد لحق ولده . ويعزر الولد لحق والده . ولا يجوز تعزيره إلا بمطالبة الوالد . وفي المغني ، والشرح في قذف الصغير : لا يحتاج في التعزير إلى مطالبة ; لأنه مشروع لتأديبه . فللإمام تعزيره إذا رآه . قال في الفروع : يؤيده نص  الإمام أحمد  رحمه الله فيمن سب صحابيا    : يجب على السلطان تأديبه . ولم يقيده بطلب وارث . مع أن أكثرهم أو كثيرا منهم له وارث . وقد نص في مواضع على التعزير ولم يقيده . وهو ظاهر كلام الأصحاب . إلا ما تقدم في الأحكام السلطانية .  [ ص: 241 ] ويأتي في أول " باب أدب القاضي " إذا افتات خصم على الحاكم    : له تعزيره . مع أنه لا يحكم لنفسه إجماعا . فدل أنه ليس كحق آدمي ، المفتقر جواز إقامته إلى طلب . 
وقال  المصنف  ، والشارح    : إن كان التعزير منصوصا عليه كوطء جارية امرأته ، أو المشتركة وجب . وإن كان غير منصوص عليه : وجب إذا رأى المصلحة فيه ، أو علم أنه لا ينزجر إلا به . وإن رأى العفو عنه جاز . ويجب إذا طالب الآدمي بحقه . وقال في الكافي : يجب في موضعين ، فيهما الخبر . إلا إن جاء تائبا ، فله تركه . قال  المجد    : فإن جاء من يستوجب التعزير تائبا    : لم يعزر عندي . انتهى . وإن لم يجئ تائبا وجب . وهو معنى كلامه في الرعاية . مع أن فيها : له العفو عن حق الله . وقال : إن تشاتم اثنان  عزرا . ويحتمل عدمه . وفي الأحكام السلطانية : يسقط بعفو آدمي حقه وحق السلطنة . وفيه احتمال : لا يسقط ، للتهديد والتقويم . وقال في الانتصار : ولو قذف مسلم كافرا    : التعزير لله . فلا يسقط بإسقاطه . نقل  الميموني  فيمن زنى صغيرا  لم نر عليه شيئا . ونقل ابن منصور  في صبي قال لرجل : يا زاني  ليس قوله شيئا . وكذا في التبصرة : أنه لا يعزر . وكذا في المغني ، وزاد : ولا لعان ، وأنه قول الأئمة الثلاثة رحمهم الله . وقال الشيخ تقي الدين  رحمه الله في الرد على الرافضي : لا نزاع بين العلماء أن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيرا بليغا . وكذا المجنون يضرب على ما فعل لينزجر . لكن لا عقوبة بقتل أو قطع . 
 [ ص: 242 ] وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : وما أوجب حدا على مكلف : عزر به المميز ، كالقذف . قال في الواضح : من شرع في عشر : صلح تأديبه في تعزير على طهارة وصلاة فكذا مثله زنا . وهو معنى كلام  القاضي    . وذكر ما نقله الشالنجي  في الغلمان يتمردون    : لا بأس بضربهم . قال في الفروع : وظاهر ما ذكره  الشيخ  ، وغيره عن  القاضي    : يجب ضربه على صلاة . وظاهر كلامهم في تأديبه في الإجارة ، والديات : أنه جائز . وأما القصاص مثل أن يظلم صبي صبيا ، أو مجنون مجنونا ، أو بهيمة بهيمة فيقتص المظلوم من الظالم ، وإن لم يكن في ذلك زجر . لكن لاستيفاء المظلوم وأخذ حقه ، وجزم في الروضة : إذا زنى ابن عشر ، أو بنت تسع    : لا بأس بالتعزير . ذكره في الفروع في أثناء " باب المرتد " . فائدة : في جواز عفو ولي الأمر عن التعزير    : الروايتان المتقدمتان في وجوب التعزير وندبه . 
تنبيه : قوله " كالاستمتاع الذي لا يوجب الحد " . قال الأصحاب : يعزر على ذلك . وقال في الرعاية : هل حد القذف حق لله ، أو لآدمي  ؟ وإن التعزير لما دون الفرج مثله ؟ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					