قوله ( ومن شربه مختارا ، عالما أن كثيره يسكر ، قليلا كان أو كثيرا    : فعليه الحد ثمانون جلدة ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به  الخرقي  ،  وابن عقيل  في التذكرة ، والشيرازي  ، وصاحب الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي  ، وغيرهم .  [ ص: 230 ] وقدمه في المحرر ، والخلاصة ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع وإدراك الغاية ، ونهاية  ابن رزين  ، وتجريد العناية ، وغيرهم .  وعنه    : أربعون ، اختاره أبو بكر  ،  والمصنف  ، والشارح  ، وجزم به في العمدة ، والتسهيل . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والهادي ، والكافي ، والمذهب الأحمد . وجوز الشيخ تقي الدين  رحمه الله الثمانين للمصلحة ، وقال : هي الرواية الثانية . فالزيادة عنده على الأربعين إلى الثمانين : ليست واجبة على الإطلاق ، ولا محرمة على الإطلاق . بل يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام . كما جوزنا له الاجتهاد في صفة الضرب فيه : بالجريد ، والنعال ، وأطراف الثياب . بخلاف بقية الحدود . انتهى . 
قال الزركشي  قلت : وهذا القول هو الذي يقوم عليه الدليل . وعند الشيخ تقي الدين  رحمه الله أيضا : يقتل شارب الخمر في الرابعة عند الحاجة إلى قتله ، إذا لم ينته الناس بدونه . انتهى . وتقدم في " كتاب الحدود " أنه لا يحد حتى يصحو . 
تنبيه : مفهوم قوله " مختارا " أن غير المختار لشربها : لا يحد . وهو المكره وهو صحيح . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وهو ظاهر كلام كثير منهم ، وجزم به في المغني ، والشرح ، وغيرهما ، وصححه الناظم  ، وغيره ، وقدمه الزركشي  ، وغيره .  وعنه    : عليه الحد ، اختاره أبو بكر  في التنبيه .  [ ص: 231 ] وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وظاهر كلامه في الفروع : أن محل الخلاف إذا قلنا : يحرم شربها . فوائد : الأولى : إذا أكره على شربها    : حل شربها . على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع .  وعنه    : لا يحل ، اختاره أبو بكر    . ذكرهما  القاضي  في التعليق ، وقال : كما لا يباح لمضطر . 
الثانية : الصبر على الأذى أفضل من شربها  ، نص عليه . وكذا كل ما جاز فعله للمكره . ذكره  القاضي  ، وغيره . وقال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : رخص أكبر العلماء فيما يكره عليه من المحرمات لحق الله ، كأكل الميتة ، وشرب الخمر . وهو ظاهر مذهب  الإمام أحمد  رحمه الله . الثالثة : قوله " عالما " بلا نزاع . لكن لو ادعى : أنه جاهل بالتحريم ، مع نشوئه بين المسلمين    : لم يقبل وإلا قبل . ولا تقبل دعوى الجهل بالحد . قاله ابن حمدان    . الرابعة : لو سكر في شهر رمضان    : جلد ثمانين حدا ، وعشرين تعزيرا . نقله  صالح    . ونقل  حنبل    : يغلظ عليه كمن قتل في الحرم  ، واختاره بعض الأصحاب . ذكره الزركشي    .  [ ص: 232 ] قال في الرعايتين ، والحاوي الصغير : إذا سكر في رمضان : غلظ حده ، واختار أبو بكر    : يعزر بعشرة فأقل . وقال  المصنف  في المغني : عزر بعشرين لفطره . الخامسة : يحد من احتقن بها على الصحيح من المذهب ، نص عليه كما لو استعط بها ، أو عجن بها دقيقا فأكله    . وقيل : لا يحد من احتقن بها ، وقدمه في المغني ، والشرح ، واختاراه واختار أيضا : أنه لا يحد إذا عجن به دقيقا وأكله . وقال في القاعدة الثانية والعشرين : لو خلط خمرا بماء ، واستهلك فيه ، ثم شربه    : لم يحد على المشهور . وسواء قيل بنجاسة الماء ، أو لا . وفي التنبيه لأبي بكر    : من لت بالخمر سويقا ، أو صبها في لبن ، أو ماء حار ثم شربها    : فعليه الحد . ولم يفرق بين الاستهلاك وعدمه . انتهى . 
وأما إذا خبز العجين : فإنه لا يحد بأكل الخبز . لأن النار أكلت أجزاء الخمر قاله الزركشي  ، وغيره . ونقل  حنبل    : يحد إن تمضمض به . وكذا رواه  بكر بن محمد  عن أبيه في الرجل يستعط بالخمر ، أو يحتقن به ، أو يتمضمض به  أرى عليه الحد . ذكره  القاضي  في التعليق . قال الزركشي    : وهو محمول على أن المضمضة وصلت إلى حلقه . وذكر ما نقله  حنبل  في الرعاية قولا ، ثم قال : وهو بعيد . وقال في المستوعب : إن وصل جوفه : حد . قوله ( إلا الذمي : فإنه لا يحد به بشربه في الصحيح من المذهب ) وكذا قال في الهداية .  [ ص: 233 ] وكذا الحربي المستأمن . وهذا المذهب كما قال . وعليه جماهير الأصحاب . قال في الفروع ، وغيره : المذهب لا يحد . وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وصححه في المذهب ، والخلاصة ،  والمصنف  ، وغيرهم . قال في البلغة : ولو رضي بحكمنا ; لأنه لم يلتزم الانقياد في مخالفة دينه .  وعنه    : يحد الذمي ، دون الحربي .  وعنه    : يحد إن سكر ، اختاره في المحرر . وقال في القواعد الأصولية : وكلام طائفة من الأصحاب يشعر ببناء هذا المسألة على أن الكفار : هل هم مخاطبون بفروع الإسلام ، أم لا ؟ فقال الزركشي    : وقد تبنى الروايتان على تكليفهم بالفروع . لكن المذهب ثم قطعا : تكليفهم بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					