قوله ( وإذا استوى على راحلته لبى    ) . يعني إذا استوت به راحلته قائمة ، وهذا أحد الأقوال . قطع به جماعة . منهم  الخرقي  ،  والمصنف  ، والشارح  ، وقدمه في الفائق ، وقيل : يستحب ابتداء التلبية عقب إحرامه ، وهو المذهب . قال الزركشي    : المشهور في المذهب : أن الأولى أن تكون التلبية حين يحرم ، وجزم به في التلخيص ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، والرعايتين ، والحاويين . ونقل حرب    : يلبي متى شاء ساعة يسلم ، وإن شاء بعد . 
فائدتان . إحداهما : التلبية سنة . على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، وقيل : واجبة . اختاره في الفائق . الثانية : يستحب أن يلبي عن أخرس ومريض    . نقله ابن إبراهيم    . قال جماعة : وعن مجنون ومغمى عليه . زاد بعضهم : ونائم . وقد ذكر الأصحاب : أن إشارة الأخرس المفهومة كنطقه . قلت : الصواب الذي لا شك فيه : أن إشارة الأخرس بالتلبية  تقوم مقام النطق بها ، حيث علمنا إرادته لذلك . 
تنبيهان : أحدهما : ظاهر قوله ( لبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم " لبيك اللهم إلى آخره " ) . أنه لا يزيد عليها ، وهو صحيح ، فلا تستحب الزيادة عليها ، ولكن لا يكره  [ ص: 453 ] على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع ، وقال ابن هبيرة  في الإفصاح : تكره الزيادة عليها ، وقيل : له الزيادة بعد فراغها ، لا فيها . الثاني : ظاهر قوله ( ويستحب رفع الصوت بها ) الإطلاق ، فيدخل فيه لو أحرم من بلده ، لكن الأصحاب قيدوا ذلك بأنه لا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصارها ، والمنقول عن  أحمد    : إذا أحرم من مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز ، فيكون كلام  المصنف  وغيره ممن أطلق مقيدا بذلك . وعند الشيخ تقي الدين    : لا يلبي بوقوفه بعرفة  ومزدلفة    ; لعدم نقله . قال في الفروع : كذا قال . 
				
						
						
