( وإن تغير اجتهاده ) ثانيا فظهر له أن الصواب في جهة أخرى غير الجهة الأولى    ( عمل بالثاني ) حتما إن ترجح ولو في الصلاة وعمل بالأول إن ترجح  ،  وفرق بين عمله بالثاني وعدمه وعمله به في المياه بأنه يلزم نقض الاجتهاد بالاجتهاد إن غسل ما أصابه الأول والصلاة ينجس إن لم يغسله  ،  وهنا لا يلزمه الصلاة إلى غير القبلة ولا بنجاسة  ،  ومنع ابن الصباغ  ذلك بأنه إنما يلزم النقض لو أبطلنا ما مضى من طهره وصلاته ولم نبطله بل أمرناه بغسل ما ظن نجاسته كما أمرناه باجتناب بقية الماء الأول . 
وأجيب بأنه يكفي في النقض وجوب غسل ما أصابه الأول واجتناب البقية  ،  ولو دخل في الصلاة باجتهاد فعمي فيها  أتمها ولا إعادة . فإن دار أو أداره غيره عن تلك الجهة استأنف باجتهاد غيره  ،  نقله في المجموع عن نص الأم  ،  ومنه يؤخذ أنه تجب إعادة الاجتهاد للفرض الواحد إذا فسد ( ولا قضاء ) لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد كما مر ( حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد    ) المؤدي إلى ذلك ( فلا ) إعادة ولا ( قضاء ) لأنه وإن تيقن الخطأ في ثلاث قد أدى كلا منها باجتهاد لم يتعين فيه الخطأ  ،  فإن استويا ولم يكن في صلاة تخير بينهما لعدم مزية أحدهما على الآخر أو فيها وجب العمل بالأول  ،  ويفرق بينهما بأنه التزم بدخوله فيها جهة فلا يتحول إلا بأرجح  ،  مع أن التحول فعل أجنبي لا يناسب الصلاة فاحتيط لها  ،  وهذا التفضيل هو ما نقلاه عن البغوي  وأقراه واعتمده جمع متأخرون وهو المعتمد  ،  كما في المجموع وغيره من وجوب التحول أخذا من إطلاق الجمهور ضعيف إذ  [ ص: 448 ] إطلاقهم محمول على ما إذا كان دليل الثاني أرجح بدليل تقييدهم اقتران ظهور الصواب بظهور الخطأ  ،  إذ كيف يظهر له الصواب مع التساوي المقتضي للشك . 
ويؤيد الأول بل هو فرد من أفراده قول المجموع عن الأم واتفاق الأصحاب : لو دخل في الصلاة باجتهاد ثم شك ولم يترجح له جهة  أتمها إلى جهته ولا إعادة  ،  وبما تقرر علم أن محل العمل بالثاني في الصلاة واستمرار صحتها إذا ظن الصواب مقارنا لظهور الخطأ وإلا بأن لم يظنه مقارنا بطلت  ،  وإن قدر على الصواب على قرب لمضى جزء منها إلى غير قبلة  ،  ولو اجتهد اثنان في القبلة واتفق اجتهادها واقتدى أحدهما بالآخر فتغير اجتهاد واحد منهما  لزمه الانحراف إلى الجهة الثانية  ،  وينوي المأموم المفارقة وإن اختلفا تيامنا وتياسرا  ،  وذلك عذر في مفارقة المأموم . ولو قال مجتهد لمقلد وهو في صلاة أخطأ بك فلان والمجتهد الثاني أعرف عنده من الأول  أو أكثر عدالة كما اقتضاه كلام الروضة  ،  أو قال له أنت على الخطأ قطعا وإن لم يكن أعرف عنده من الأول تحول إن بان له الصواب مقارنا للقول بأن أخبر به وبالخطأ معا  ،  لبطلان تقليد الأول بقول من هو أرجح منه في الأولى  ،  وبقطع القاطع في الثانية  ،  فلو كان الأول أيضا في الثانية قطع بأن الصواب ما ذكره ولم يكن الثاني أعلم لم يؤثر  ،  قاله الإمام  ،  فإن لم يبن له الصواب مقارنا بطلت وإن بان له الصواب عن قرب لما مر  ،  ولو قيل لأعمى وهو في صلاته صلاتك إلى الشمس وهو يعلم أن قبلته غيرها استأنف لبطلان تقليد الأول بذلك  ،  وإن أبصر وهو في أثنائها وعلم أنه على الإصابة للقبلة لمحراب أو نجم أو خبر ثقة أو غيرها أتمها أو على الخطأ أو تردد بطلت لانتفاء ظن الإصابة  ،  وإن ظن الصواب غيرها انحرف إلى ما ظنه . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					