( شرط وجوب زكاة التجارة الحول والنصاب ) كغيرها من المواشي والناض ( معتبرا بآخر الحول ) أي في آخره فقط إذ هو حال الوجوب ولا يعتبر غيره لكثرة اضطراب القيم ( وفي قول بطرفيه ) أي في أول الحول وآخره ولا يعتبر ما بينهما إذ تقويم العروض في كل لحظة يشق ويحوج إلى ملازمة السوق ومراقبة دائمة ( وفي قول بجميعه ) كالمواشي وعليه لو نقصت قيمته عن النصاب في لحظة انقطع الحول فإن كمل بعد ذلك استأنف الحول من يومئذ وهذان مخرجان والمنصوص الأول ( فعلى الأظهر ) وهو اعتبار آخر الحول ( لو رد ) مالها ( إلى النقد ) كأن بيع به ، وكان مما يقوم به آخر الحول كما أشار إليه بالألف واللام في النقد لإرادته المعهود ( في خلال الحول ) أي أثنائه ( وهو دون النصاب واشترى به سلعة ) ( فالأصح أنه ينقطع الحول ويبتدئ حولها من ) وقت ( شرائها ) لتحقق نقص النصاب بالتنضيض بخلافه قبله فإنه مظنون ، أما لو باعه بعرض أو بنقد لا يقوم به آخر الحول كأن باعه بدراهم ، والحال يقتضي التقويم بدنانير أو بنقد يقوم به وهو نصاب فحوله باق .
والثاني لا ينقطع كما لو بادل بها سلعة ناقصة عن النصاب فإن الحول لا ينقطع ; لأن المبادلة [ ص: 102 ] معدودة من التجارة ، وما ذكر من التفريع يأتي على القول الثاني والثالث أيضا من باب أولى فحذفه لذلك أو لأنه ليس من غرضه ( ولو ) ( تم الحول ) أي حول مال التجارة ( وقيمة العرض ) بسكون الراء ( دون النصاب ) وليس معه ما يكمله به من جنس ما يقوم به ( فالأصح أنه يبتدأ حول ويبطل ) الحول ( الأول ) فلا تجب الزكاة حتى يتم حول ثان ; لأن الأول مضى ولا زكاة فيه .
والثاني لا ينقطع بل متى بلغت قيمة العرض نصابا وجبت الزكاة ، ويبتدأ الحول من وقته إذ يصدق عليه أن مال التجارة أقام عنده حولا بل وزيادة ، وتم نصابا فيقول العامل هنا كما قال الأخ الشقيق في المسألة الحمارية : هب أن أبانا كان حمارا أو حجرا ملقى في اليم ألسنا من أم واحدة ؟ أما إذا كان معه من أول الحول ما يكمل به النصاب كما لو كان معه مائة درهم فابتاع بخمسين منها عرضا للتجارة فبلغت قيمته في آخر الحول مائة وخمسين فإنه تلزمه زكاة الجميع آخر الحول ، وإن ملكه في أثناء الحول كما لو ابتاع بالمائة ، ثم ملك خمسين زكى الجميع إذا تم حول الخمسين ; لأنها إنما تضم في النصاب دون الحول ( ويصير عرض التجارة للقنية بنيتها ) أي القنية فمتى نواها به انقطع الحول فيحتاج إلى تجديد قصد مقارن للتصرف ، بخلاف عرض القنية لا يصير للتجارة بمجرد نيتها كما سيأتي ; لأن القنية هي الحبس للانتفاع ، وقد وجدت بالنية المذكورة مع الإمساك فرتبنا عليها أثرها ، والتجارة هي التقليب في السلع بقصد الاسترباح ، ولم يوجد ذلك ، ولأن الاقتناء هو الأصل فاكتفينا فيه بالنية بخلاف التجارة ، ولأن ما لا يثبت له حكم الحول بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كما لو نوى بالمعلوفة السوم ، وقضية إطلاقه انقطاع الحول بذلك سواء أنوى به استعمالا جائزا أم محرما كلبسه الديباج وقطعه الطريق بالسيف .
وهو كذلك كما هو أحد وجهين في التتمة ، ولو نوى القنية ببعض عرض التجارة ، ولم يعينه ففي تأثيره وجهان حكاهما الماوردي أقر بهما كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى التأثير ويرجع في ذلك البعض إليه وإن [ ص: 103 ] جرى بعضهم على أن الأقرب المنع ، ولو مات المورث عن مال تجارة انقطع حوله ولا ينعقد له حول حتى يتصرف فيه بنية التجارة ، ذكره الرافعي قبيل شرط السوم وتبعه المصنف خلافا لما أفتى به البلقيني ( وإنما يصير العرض للتجارة إذا اقترنت نيتها بكسبه بمعاوضة كشراء ) وإن لم يجددها في كل تصرف سواء أكان بعرض أم نقد أم دين حال أم مؤجل لانضمام قصد التجارة إلى فعلها ، ومن ذلك ما ملكه بهبة ذات ثواب ، أو صالح عليه ولو عن دم أو عرض أو آجر به نفسه أو ما له وما استأجره أو منفعة ما استأجره بأن كان يستأجر المنافع ويؤجرها بقصد التجارة ، أما لو اقترض مالا ناويا به التجارة فلا يصير مال تجارة ; لأنه لا يقصد لها وإنما هو إرفاق .
قاله القاضي [ ص: 104 ] تفقها وجزم به الروياني والمتولي وصاحب الأنوار ( وكذا المهر وعوض الخلع ) فيصيران مال تجارة إذا اقترنا بنيتها ( في الأصح ) لكونهما ملكا بمعاوضة ، ولهذا تثبت الشفعة فيما ملك بهما .
والثاني لا لأنهما ليسا من عقود المعاوضات المحضة ( لا بالهبة ) غير ذات الثواب ( والاحتطاب ) والاحتشاش والاصطياد والإرث ( والاسترداد بعيب ) أو إقالة أو فلس لانتفاء المعاوضة بل الاسترداد المذكور فسخ لها ، ولأن التملك مجانا لا يعد تجارة ، فمن اشترى بعرض للقنية عرضا للتجارة أو للقنية أو اشترى بعرض للتجارة عرضا للقنية ، ثم رد عليه بإقالة أو نحوها لم يصر مال تجارة وإن نواها ، بخلاف الرد بعيب أو نحوه ممن اشترى عرضا للتجارة بعرض لها فإنه يبقى حكمها ، ولو اشترى لها صبغا ليصبغ به أو دباغا ليدبغ به للناس صار مال تجارة فتلزمه زكاته بعد مضي حوله ، وإن لم يبق عين نحو الصبغ عنده عاما خلافا لما يوهمه كلام التتمة أو صابونا أو ملحا ليغسل به أو يعجن به لهم لم يصر كذلك لأنه يستهلك فلا يقع مسلما لهم ( وإذا ملكه ) أي عرض التجارة ( بنقد ) وهو الذهب والفضة وإن لم يكونا مضروبين ( نصاب ) أو بأقل منه وفي ملكه باقيه كأن اشتراه بعين عشرين مثقالا أو بعين عشرة وفي ملكه عشرة أخرى ( فحوله من حين ملك ) ذلك ( النقد ) لاشتراكهما في قدر الواجب وفي جنسه ، ولأن النقدين إنما خصا بإيجاب الزكاة دون باقي الجواهر لإرصادهما للنماء ، والنماء يحصل بالتجارة ، فلم يجز أن يكون السبب في الوجوب [ ص: 105 ] سببا في الإسقاط .
أما لو اشتراه بنقد في الذمة ، ثم نقده فإنه ينقطع حول النقد ويبتدأ حول التجارة من وقت الشراء إذ صرفه إلى هذه الجهة لم يتعين ( أو دونه ) أي أو ملكه بدون النصاب ، وليس في ملكه باقيه ( أو بعرض قنية ) كالثياب والحلي المباح ( فمن الشراء ) حوله يبتدأ ( وقيل إن ملكه بنصاب سائمة بني على حولها ) ; لأنها مال تجب الزكاة في عينه وله حول فاعتبر ، والصحيح المنع لاختلاف الزكاتين قدرا ومتعلقا ( ويضم الربح إلى الأصل ) الحاصل ( في ) أثناء ( الحول إن لم ينض ) بكسر النون بما يقوم به ، فلو اشترى عرضا بمائتي درهم فصارت قيمته في الحول ، ولو قبل آخره بلحظة ثلثمائة أو نض فيه بنقد لا يقوم به زكاة آخره ، وسواء أحصل الربح بزيادة في نفس العرض كسمن الحيوان أم بارتفاع الأسواق ، ولو باع العرض بدون قيمته زكى القيمة ، أو بأكثر منها ففي زكاة الزائد معها وجهان توجههما الوجوب ( لا إن نض ) أي صار ناضا بنقد يقوم به ببيع أو إتلاف أجنبي ، وأمسكه إلى آخر الحول أو اشترى به عرضا قبل تمامه فلا يضم إلى الأصل بل يزكى الأصل وبحوله ويفرد الربح بحول ( في الأظهر ) فلو اشترى عرضا للتجارة بمائتي درهم ، وباعه بعد ستة أشهر بثلثمائة وأمسكها إلى آخر الحول أو اشترى بها عرضا يساوي ثلثمائة آخر الحول فيخرج زكاة مائتين ، فإذا مضت ستة أشهر زكى المائة والثاني يزكى الربح بحول الأصل كما يزكى النتاج بحول الأمهات وفرق الأول بأن النتاج جزء من الأصل فألحقناه به بخلاف الربح ، فإنه ليس جزءا ; لأنه إنما حصل بحسن التصرف ، ولهذا يرد الغاصب نتاج الحيوان دون الربح ( والأصح أن ) ( ولد العرض ) من الحيوان من نعم وخيل وإماء ( وثمره ) من الأشجار كمشمش أو تفاح ( مال تجارة ) لأنهما جزءان من الأم والشجر والثمر ; لأنهما لم يحصلا بالتجارة .
ومحل الخلاف ما لم تنقص قيمة الأم بالولادة ، فإن نقصت بها كأن كان قيمة الأم تساوي ألفا فصارت بالولادة تساوي ثمانمائة وقيمة الولد مائتان جبر نقص الأم بقيمة الولد جزما ( و ) الأصح على الأول ( أن حوله حول الأصل ) تبعا كنتاج السائمة .
والثاني لا بل تفرد بحول [ ص: 106 ] من انفصال الولد وظهور الثمرة ; لأنها زيادة مستقرة من مال التجارة فأفردت كما سبق في الربح الناض


