( باب قطع الطريق ) قال ( وإذا خرج جماعة ممتنعين أو واحد يقدر على الامتناع فقصدوا قطع الطريق فأخذوا قبل أن يأخذوا  [ ص: 423 ] مالا ويقتلوا نفسا  حبسهم الإمام حتى يحدثوا توبة ، وإن أخذوا مال مسلم أو ذمي ، والمأخوذ إذا قسم على جماعتهم أصاب كل واحد منهم عشرة دراهم فصاعدا أو ما تبلغ قيمته ذلك قطع الإمام أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلهم الإمام حدا ) والأصل فيه قوله تعالى { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله    } الآية ، والمراد منه والله أعلم التوزيع على الأحوال وهي أربعة : هذه الثلاثة المذكورة ، والرابعة نذكرها إن شاء الله تعالى  [ ص: 424 ] ولأن الجنايات تتفاوت على الأحوال فاللائق تغلظ الحكم بتغلظها . أما الحبس في الأولى فلأنه المراد بالنفي المذكور لأنه نفي عن وجه الأرض بدفع شرهم عن أهلها ، ويعزرون أيضا لمباشرتهم منكر الإخافة . وشرط القدرة على الامتناع ; لأن المحاربة لا تتحقق إلا بالمنعة    . والحالة الثانية كما بيناها لما تلوناه . وشرط أن يكون المأخوذ مال مسلم أو ذمي لتكون العصمة مؤبدة ، ولهذا لو قطع الطريق على المستأمن  لا يجب القطع . وشرط كمال النصاب في حق كل واحد كي لا يستباح طرفه إلا بتناوله ماله خطر ، والمراد قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى كي لا يؤدي إلى تفويت جنس المنفعة . والحالة الثالثة كما بيناها لما تلوناه ( ويقتلون حدا ، حتى لو عفا الأولياء عنهم لا يلتفت إلى عفوهم )  [ ص: 425 ] لأنه حق الشرع . 
( و ) الرابعة ( إذا قتلوا وأخذو المال فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم ، وإن شاء قتلهم ، وإن شاء صلبهم . وقال  محمد    : يقتل أو يصلب ولا يقطع ) لأنه جناية واحدة فلا توجب حدين ، ولأن ما دون النفس يدخل في النفس في باب الحد  [ ص: 426 ] كحد السرقة والرجم . ولهما أن هذه عقوبة واحدة تغلظت لتغلظ سببها ، وهو تفويت الأمن على التناهي بالقتل وأخذ المال ، ولهذا كان قطع اليد والرجل معا في الكبرى حدا واحدا وإن كانا في الصغرى حدين ، والتداخل في الحدود لا في حد واحد . ثم ذكر في الكتاب التخيير بين الصلب وتركه ، وهو ظاهر الرواية . وعن  أبي يوسف  أنه لا يتركه لأنه منصوص عليه ، والمقصود التشهير ليعتبر به غيره . ونحن نقول أصل التشهير بالقتل والمبالغة بالصلب فيخير فيه . ثم قال ( ويصلب حيا ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت ) ومثله عن  الكرخي    . وعن  الطحاوي  أنه يقتل ثم يصلب توقيا عن المثلة . 
وجه الأول وهو الأصح أن الصلب على هذا الوجه أبلغ في الردع وهو  [ ص: 427 ] المقصود به . 
قال ( ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام ) لأنه يتغير بعدها فيتأذى الناس به . وعن  أبي يوسف  أنه يترك على خشبة حتى يتقطع فيسقط ليعتبر به غيره . 
قلنا : حصل الاعتبار بما ذكرناه والنهاية غير مطلوبة . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					