[ ص: 73 ]   ( والجزاء  عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهما الله أن يقوم الصيد في المكان الذي قتل فيه أو في أقرب المواضع منه إذا كان في برية فيقومه ذوا عدل ، ثم هو مخير في الفداء إن شاء ابتاع بها هديا وذبحه إن بلغت هديا ، وإن شاء اشترى بها طعاما وتصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير ، وإن شاء صام ) على ما نذكر ، وقال  محمد   والشافعي    : يجب في الصيد النظير فيما له نظير ، ففي الظبي شاة ، وفي الضبع شاة ، وفي الأرنب عناق ،  [ ص: 74 ] وفي اليربوع جفرة ، وفي النعامة بدنة ، وفي حمار الوحش بقرة لقوله تعالى { فجزاء مثل ما قتل من النعم    } ومثله من النعم ما يشبه المقتول صورة ; لأن القيمة لا تكون نعما . والصحابة رضي الله عنهم أوجبوا النظير من حيث الخلقة والمنظر في النعامة والظبي وحمار الوحش والأرنب على ما بينا . 
وقال صلى الله عليه وسلم { الضبع صيد وفيه شاة   } وما ليس له نظير عند  محمد  رحمه الله تجب فيه القيمة مثل العصفور والحمام وأشباههما . وإذا وجبت القيمة كان قوله كقولهما .  والشافعي  رحمه الله يوجب في الحمامة شاة ويثبت المشابهة بينهما من حيث إن كل واحد منهما يعب ويهدر .  ولأبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهما الله أن المثل المطلق هو المثل صورة ومعنى ، ولا يمكن الحمل عليه فحمل على  [ ص: 75 ] المثل معنى لكونه معهودا في الشرع كما في حقوق العباد أو لكونه مرادا بالإجماع ، أو لما فيه من التعميم ، وفي ضده التخصيص . والمراد بالنص والله أعلم فجزاء قيمة ما قتل من النعم الوحشي . واسم النعم ينطلق على الوحشي والأهلي ، كذا قاله أبو عبيدة   والأصمعي  رحمهما الله . والمراد بما روي التقدير به دون إيجاب المعين .  [ ص: 76 ] ثم الخيار إلى القاتل في أن يجعله هديا أو طعاما أو صوما عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهما الله . 
وقال  محمد   والشافعي  رحمهما الله : الخيار إلى الحكمين في ذلك ، فإن حكما بالهدي يجب النظير على ما ذكرنا ، وإن حكما بالطعام أو بالصيام فعلى ما قال  أبو حنيفة   وأبو يوسف    . لهما أن التخيير شرع رفقا بمن عليه فيكون الخيار إليه كما في كفارة اليمين .  ولمحمد   والشافعي  قوله تعالى { يحكم به ذوا عدل منكم هديا    } الآية ، ذكر الهدي منصوبا  [ ص: 77 ] لأنه تفسير لقوله تعالى { يحكم به    } ومفعول لحكم الحكم ، ثم ذكر الطعام والصيام بكلمة أو فيكون الخيار إليهما . قلنا : الكفارة عطفت على الجزاء لا على الهدي بدليل أنه مرفوع ، وكذا قوله تعالى { أو عدل ذلك صياما    } مرفوع ، فلم يكن فيها دلالة اختيار الحكمين ، وإنما يرجع إليهما في تقويم المتلف ثم الاختيار بعد ذلك إلى من عليه ، ويقومان في المكان الذي أصابه لاختلاف القيم باختلاف الأماكن ، فإن كان الموضع برا لا يباع فيه الصيد يعتبر أقرب  [ ص: 78 ] المواضع إليه مما يباع فيه ويشترى . قالوا : والواحد يكفي والمثنى أولى ; لأنه أحوط وأبعد عن الغلط كما في حقوق العباد . وقيل يعتبر المثنى ههنا بالنص . 
     	
		 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					