يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير    . 
 [ ص: 473 ] قوله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى  في سبب نزولها ثلاثة أقوال . 
أحدها: نزلت في  ثابت بن قيس  وقوله في الرجل الذي لم يفسح له: أنت ابن فلانة، وقد ذكرناه عن  ابن عباس  في قوله: لا يسخر قوم من قوم   [الحجرات: 11] . 
والثاني: أنه لما كان يوم الفتح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بلالا  فصعد على ظهر الكعبة  فأذن، وأراد أن يذل المشركين بذلك، فلما أذن، قال عتاب بن أسيد:  الحمد لله الذي قبض أسيدا  قبل اليوم، وقال  الحارث بن هشام:  أما وجد محمدا  غير هذا الغراب الأسود مؤذنا؟! وقال  سهيل بن عمرو:  إن يكره الله شيئا يغيره، وقال  أبو سفيان:  أما أنا فلا أقول شيئا، فإني إن قلت شيئا لتشهدن علي السماء، ولتخبرن عني الأرض، فنزلت هذه الآية، قاله  مقاتل .  
والثالث: أن عبدا أسود مرض فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قبض فتولى غسله وتكفينه ودفنه، فأثر ذلك عند الصحابة، فنزلت هذه الآية، قاله يزيد بن شجرة .  فأما المراد بالذكر والأنثى، فآدم  وحواء .  والمعنى: إنكم تتساوون في النسب; وهذا زجر عن التفاخر بالأنساب . فأما الشعوب، فهي جمع شعب . وهو الحي العظيم، مثل مضر  وربيعة،  والقبائل دونها، كبكر  من ربيعة،  وتميم  من  [ ص: 474 ] مضر،  هذا قول الجمهور من المفسرين وأهل اللغة . وروى  عطاء  عن  ابن عباس  قال: يريد بالشعوب: الموالي، وبالقبائل: العرب .  وقال أبو رزين:  الشعوب: أهل الجبال الذين لا يعتزون لأحد، والقبائل: قبائل العرب .  وقال  أبو سليمان الدمشقي:  وقد قيل: إن القبائل هي الأصول، والشعوب هي البطون التي تتشعب منها، وهذا ضد القول الأول . 
قوله تعالى: لتعارفوا  أي: ليعرف بعضكم بعضا في قرب النسب وبعده . قال  الزجاج   : المعنى: جعلناكم كذلك لتعارفوا، لا لتفاخروا . ثم أعلمهم أن أرفعهم عنده منزلة أتقاهم . وقرأ  أبي بن كعب  ،  وابن عباس،   والضحاك  ،  وابن يعمر،   وأبان  عن  عاصم:   "لتعرفوا" بإسكان العين وكسر الراء من غير ألف . وقرأ  مجاهد،   وأبو المتوكل،  وابن محيصن:   "لتعارفوا" بتاء واحدة مشددة وبألف مفتوحة الراء مخففة . وقرأ أبو نهيك،   والأعمش:   "لتتعرفوا" بتاءين مفتوحة الراء وبتشديدها من غير ألف . 
قوله تعالى: إن أكرمكم  وقرأ  أبو عبد الرحمن السلمي،   ومجاهد،   وأبو الجوزاء:   "أن" بفتح الهمزة . قال  الفراء:  من فتح "أن" فكأنه قال: لتعارفوا أن الكريم التقي، ولو كان كذلك لكانت "لتعرفوا"، غير أنه يجوز "لتعارفوا" على معنى: ليعرف بعضكم بعضا أن أكرمكم عند الله أتقاكم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					