وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
وفي هذه السخرية المنهي عنها قولان:أحدهما: أنه استهزاء الغني بالفقير إذا سأله، قاله مجاهد .
الثاني: أنه استهزاء المسلم بمن أعلن فسقه، قاله ابن زيد.
ويحتمل ثالثا: أنه استهزاء الدهاة بأهل السلامة. عسى أن يكونوا خيرا منهم عند الله تعالى.
ويحتمل: خيرا منهم معتقدا وأسلم باطنا. ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم فيه وجهان:
أحدهما: ولا تلمزوا أهل دينكم.
الثاني: لا تلمزوا بعضكم بعضا: واللمز: العيب. وفي المراد به هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يطعن بعضكم على بعض ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير .
الثاني: لا تختالوا فيخون بعضكم بعضا ، قاله الحسن .
الثالث: لا يلعن بعضكم بعضا ، قاله الضحاك . ولا تنابزوا بالألقاب في النبز وجهان:
أحدهما: أنه اللقب الثابت، قاله المبرد.
الثاني: أن النبز القول القبيح، وفيه هنا أربعة أوجه:
أحدها: أنه وضع اللقب المكروه على الرجل ودعاؤه به. قال الشعبي: روي أن وفد بني سليم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وللرجل منهم اسمان وثلاثة فكان يدعو الرجل بالاسم فيقال إنه يكره هذا، فنزلت هذه الآية. [ ص: 333 ] الثاني: أنه تسمية الرجل بالأعمال السيئة بعد الإسلام ... يا فاسق ... يا سارق ، يا زاني ، قاله ابن زيد.
الثالث: أنه يعيره بعد الإسلام بما سلف من شركه ، قاله عكرمة .
الرابع: أن يسميه بعد الإسلام باسم دينه قبل الإسلام ، لمن أسلم من اليهود ... يا يهودي ، ومن النصارى ... يا نصراني ، قاله ابن عباس ، والحسن . فأما مستحب الألقاب ومستحسنها فلا يكره ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم عددا من أصحابه بأوصاف فصارت لهم من أجمل الألقاب. واختلف في من نزلت فيه هذه الآية على أربعة أقاويل:
أحدها: أنها نزلت في ثابت بن قيس بن شمسان وكان في أذنه ثقل فكان يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمع حديثه ، فجاء ذات يوم وقد أخذ الناس مجالسهم فقال: (تفسحوا ففعلوا إلا رجلا كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يفسح وقال: (قد أصبت موضعا فنبذه ثابت ، بلقب كان لأمه مكروها ، فنزلت ، قاله الكلبي والفراء.
الثاني: أنها نزلت في كعب بن مالك الأنصاري ، وكان على المغنم فقال لعبد الله بن أبي حدرد: يا أعرابي ، فقال له عبد الله: يا يهودي ، فتشاكيا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت فيهما ، حكاه مقاتل.
الثالث: أنها نزلت في الذين نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات عند استهزائهم بمن مع رسول الله من الفقراء والموالي فنزل ذلك فيهم.
الرابع: أنها نزلت في عائشة وقد عابت أم سلمة. واختلفوا في الذي عابتها به فقال مقاتل: عابتها بالقصر ، وقال غيره: عابتها بلباس تشهرت به.


