وحكى  ابن عبد البر  قولا بركنية طواف القدوم  ، وليس بمعروف ، وليس النزول بمزدلفة   ركنا خلافا لبعض التابعين ، وهو وجه ضعيف لبعض الشافعية ، وكذلك الحلق ليس بركن عندنا  خلافا للشافعية ، وقال الشافعية في الأصح عندهم أن الحلاق ركن وعند المالكية والحنفية والحنابلة وأحد الأقوال عند الشافعية أنه ليس بركن وعد  القاضي عياض  في قواعده من الأركان النية ، قال شارحه : جمع المؤلف بين عد النية في الحج  فريضة وعد الإحرام فريضة أخرى وما رأيته لغيره ، فإن منهم من يعد النية ، ومنهم من يعد الإحرام ، والإحرام يشتمل على التجرد والغسل والركوع والنية وليس في الجميع ما هو فرض غير النية خاصة فلذلك اكتفى غيره بعد أحدهما عن الآخر ، وهو البين انتهى . 
وقد عد ابن الفرس  في أحكام القرآن الإحرام من الفروض  المتفق عليها ، والنية من الفروض المختلف فيها ، وأن مذهب الجمهور فرضيتها ، وذهب بعض الناس إلى أنها ليست بفرض قال : ذكره  ابن حزم  وسيأتي تحقيق ذلك . 
ذهب ابن حبيب  إلى أن التلبية شرط في انعقاد الإحرام  فتكون كالنية قال الشيخ زروق  في شرح قول الرسالة : وينوي ما أراد من حج أو عمرة يعني مع التلبية ; لأنها عند ابن حبيب  بمثابة تكبيرة الإحرام ، والغسل بمنزلة الإقامة ، والركوع كرفع  [ ص: 10 ] اليدين في الصلاة وعد  القاضي عياض  في الفروض دخول وقت الحج ، وهذا يرجع إلى الوقوف فيشترط فيه أن يكون ليلة العاشر من ذي الحجة وزاد التادلي  تقديم الطواف على السعي  ذكره في الباب الثامن ، وهذا راجع إلى السعي فيشترط فيه تقدم طواف عليه كما سيأتي ، والله أعلم . 
فتحصل من هذا أن الواجبات المستقلة تسعة  ثلاثة مجمع عليها ، وهي الإحرام والوقوف والطواف وثلاثة مختلف فيها في المذهب وخارجه ، وهي السعي والمشهور أنه ركن ، والوقوف بالمشعر  ، ورمي جمرة العقبة  ، والمشهور : أنهما ليسا بركنين بل الأول : مستحب ، والثاني : سنة أو الأول سنة والثاني واجب يجبر بالدم على الخلاف الآتي وواحد مختلف فيه في المذهب فقط ، وهو طواف القدوم والمعروف من المذهب أنه واجب يجبر بدم ، والثاني : مختلف فيهما خارج المذهب فقط ، وهما النزول بمزدلفة  والحلاق والمذهب : أنهما ليسا بركنين بل سنتان أو واجبتان يجبران بالدم على الخلاف أيضا ، ولكن ينبغي للإنسان أيضا إذا أتى بهذه الأشياء أن ينوي بها الركنية ليخرج من الخلاف وليكثر الثواب ; إذ ثواب الواجب أكثر من ثواب السنة أشار إلى ذلك الشبيبي  في شرح الرسالة فتأمله ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					