وعن  الحسن  رضي الله عنه قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة ، والجوار   } وفي بعض الروايات بالجوار ، وهو دليل لنا على استحقاق الشفعة بسبب الجوار  فأما معنى اللفظ الآخر { أن الجار كان منازعا ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجوار وبالشفعة   } ، فهو دليل على أن الجوار يستحق به الشفعة حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الخصومة فقضى به وبالشفعة ، وعن  الحسن  قال : إذا اقتسم القوم الأرضين ورفعوا سربا بينهم فهم شفعاء ، وبه نأخذ ، فنقول : الشركة في السرب تستحق به الشفعة    ; لأنها شركة في حقوق المبيع فيثبت باعتباره حق الشفعة كالشركة في نفس المبيع ; لأن الحاجة إلى دفع الضرر البادي لسوء المجاورة يتحقق في الموضعين جميعا ، وعن  شريح  قال : الشفعة بالأبواب ، فأقرب الأبواب إلى الدار أحق بالشفعة ولسنا نأخذ بهذا ، وإنما الشفعة عندنا  [ ص: 94 ] للجار الملاصق فأما الجار المحاذي ، فلا شفعة له بالمجاورة سواء كان أقرب بابا ، أو أبعد ، وإنما يعتبر قرب الباب في التقديم في الشفعة على ما روي { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن لي جارين فإلى أيهما أبر قال : صلى الله عليه وسلم إلى أقربهما منك بابا .   } ، وهذا ; لأن اطلاعه واطلاع أولاده على ما يدخل منزله من النعمة أكثر ، فهو بالهدية أحق ، وهذا تأويل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يقول في الهدايا : ابدءوا بجارنا اليهودي .   } فأما في الشفعة ، فالمعتبر هو القرب واتصال أحد الملكين بالآخر ، وذلك في الجار الملاصق دون الجار المحاذي ، فإن بين الملكين طريقا نافذا ، وذكر عن  علي   وابن عباس  رضي الله عنهما قالا : لا شفعة ، إلا لشريك لم يقاسم ، وهذا قول أهل المدينة  ، وليس يأخذ به أهل الكوفة  ، إلا أنه قد رجع إليه  ابن أبي ليلى  ، فإنه كان في الابتداء يقضي بالشفعة للجار حتى كتب إليه أبو العباس المهدي  يأمره بأن لا يقضي بالشفعة ، إلا لشريك لم يقاسم فأخذ بذلك ; لأنه كان عاملا له ونحن أخذنا بقول  عمر  رضي الله عنه ، فقد أثبت الشفعة للجار حين قال : لبني عذرة أنتم شفعاؤنا في أموال اليهود في حديث طويل وأخذنا بالآثار المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الحديث متى صح عنه كان حجة على كل صحابي رضوان الله عليهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					