350 - مسألة : والعراة بعطب ، أو سلب ، أو فقر : يصلون كما هم  في جماعة في صف خلف إمامهم ، يركعون ، ويسجدون ، ويقومون ، ويغضون أبصارهم . ومن تعمد في صلاته ; تأمل عورة رجل ، أو امرأة محرمة عليه    : بطلت صلاته ; فإن تأملها ناسيا لم تبطل صلاته ، ولزمه سجود السهو . فإن تأمل عورة امرأته ، فإن ترك الإقبال على صلاته عامدا لذلك : بطلت صلاته ; كما لو فعل ذلك لسائر الأشياء ولا فرق ; وإن لم يترك لذلك الإقبال على صلاته : فصلاته تامة ، ولا شيء عليه . برهان ذلك - : قول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها    } وقوله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه    } . فإذ هم غير مكلفين ما لا يقدرون عليه من ستر العورة : فهم مخاطبون بالصلاة كما يقدرون ، وبالإمامة فيها في جماعة ; فسقط عنهم ما لا يقدرون عليه ، وما ليس في وسعهم ، وبقي عليهم ما يستطيعون لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم   } . وأما من تأمل في صلاته عورة    - لا يحل له النظر إليها - : فإن صلاته تبطل لأنه عمل فيها عملا لا يحل له ; فلم يصل كما أمر ، ومن لم يصل كما أمر فلم يأت بالصلاة التي أمره الله تعالى بها ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد   } .  [ ص: 256 ] فإن فعل ذلك ناسيا فعليه سجود السهو ; لأنه زاد في صلاته نسيانا ما لو عمده لبطلت صلاته . وأما إذا تأمل عورة أبيح له النظر إليها  فهي من جملة الأشياء التي لا بد له من وقوع النظر على بعضها في الصلاة ; ولا فرق بين مباح ومباح . فإن اشتغل بشيء من ذلك كله عن صلاته عمدا فقد عصى الله تعالى ، ولم يصل كما أمر - وبالله تعالى التوفيق . وقال  أبو حنيفة    : يصلي العراة فرادى قعودا يومئون للسجود والركوع فإن صلوا جماعة أجزأهم إلا أنهم يقعدون ويقعد الإمام في وسطهم . وقال بعض العلماء بقوله : أنهم إن صلوا قياما أجزأهم عند  أبي حنيفة  وأصحابه . وقال  مالك    : يصلون فرادى ، يتباعد بعضهم عن بعض قياما ، فإن كانوا في ليل مظلم صلوا في جماعة قياما ، يقف إمامهم أمامهم . وقال  الشافعي    : يصلي العراة فرادى ، أو جماعة قياما يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ، ويغضون أبصارهم ; ويصرف الرجال وجوههم عن النساء ، والنساء وجوههن عن الرجال ، ولا إعادة على أحد منهم . وقال  زفر بن الهذيل    : يصلون قياما يركعون ويسجدون ، ولا يجزيهم غير ذلك - وقال  أبو سليمان  كقولنا . قال  علي    : قول  أبي حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي  خطأ ; لأنها أقوال لم تخل من إسقاط أن يصلوا جماعة وهذا لا يجوز . أو من إسقاط القيام والركوع والسجود ، وهذا باطل . أو من إسقاط حق الإمام في تقدمه ; وهذا لا يجوز . وغض البصر يسقط كل ما شغبوا به في هذه الفتيا . وقول  أبي حنيفة  أكثرها تناقضا . والعجب أنهم بكل ذلك لا يوارون جميع عوراتهم من الأفخاذ وغيرها ، فكيف والنص قد ورد بما قلنا .  [ ص: 257 ] حدثنا حمام  ثنا عباس بن أصبغ  ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن  ثنا محمد بن شاذان  ثنا  زكريا بن عدي  ثنا عبيد الله بن عمرو هو الرقي -  عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  عن  سعيد بن المسيب  عن أبي سعيد الخدري  أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يا معشر النساء ، إذا سجدتن فاحفظوا أبصاركم ، لا ترين عورات الرجال ; من ضيق الأزر   } . قال  علي    : هكذا في كتابي عن حمام  ، وبالله ما لحن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولولا أن ممكنا أن يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ومن معهن من صغار أولادهن لما كتبناه إلا " فاخفضن أبصاركن " . فهذا نص على أن الفقراء من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ، وليس معهم من اللباس ما يواري عورتهم ، ولا يتركون القعود ولا الركوع ولا السجود ; إلا أن الأمر بغض البصر لازم في كل ذلك - وبالله تعالى التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					