[ ص: 219 ] مسألة : حد الرمي بالزنى - وهو القذف    - قال الله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة    } إلى قوله تعالى { غفور رحيم    } . 
قال  أبو محمد  رحمه الله : ففي هذه الآية أحكام كثيرة يجب الوقوف عليها بأن تطلب علمها ، وأن تعتقد ، وأن يعمل بها بعون الله تعالى على ذلك : فمنها - معرفة ما هو الرمي الذي يوجب الحكم المذكور في الآية ، من الجلد ، وإسقاط الشهادة ، والفسق ، وأن القذف من الكبائر ، ومن المحصنات اللواتي يجب لرميهن الحكم المذكور في الآية من الجلد ، وإسقاط الشهادة ، والفسق ، وعدد الجلد ، وصفته ؟ ومن المأمور بالجلد ؟ ومتى يمتنع من قبول شهادتهم ، وفي ماذا يمتنع من قبولها ، وفسقهم ، وما يسقط بالتوبة من الأحكام المذكورة وما صفة التوبة من ذلك ؟ 
ونحن إن شاء الله تعالى نذكر كل ذلك - بعون الله تعالى - بالبراهين الواضحة من القرآن ، والسنن الثابتة في ذلك - ولا حول ولا قوة إلا بالله . 
2228 - مسألة : ما الرمي ، والقذف ؟  
قال  أبو محمد  رحمه الله : ذكر الله تعالى هذا الحكم باسم " الرمي " في الآية المذكورة ، وصح أن " القذف ، والرمي " اسمان لمعنى واحد : لما ناه عبد الله بن ربيع  نا محمد بن معاوية  نا أحمد بن شعيب   نا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه    - أنا عبد الأعلى - هو ابن عبد الأعلى السلمي    - قال : { سئل  هشام - هو ابن حسان    - عن الرجل يقذف امرأته ؟ فحدثنا هشام  عن  محمد - يعني ابن سيرين    - قال : سألت  أنس بن مالك  عن ذلك - وأنا أرى أن عنده من ذلك علما - فقال : إن هلال بن أمية  قذف امرأته بشريك ابن سحماء  ، وكان أخا  البراء بن مالك  ، وكان أول من لاعن ، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما ، ثم قال أبصروه ، فإن جاءت به أبيض ، نض العينين ، فهو لهلال بن أمية  ، وإن جاءت به أكحل جعدا حمش الساقين فهو لشريك ابن سحماء    . قال  أنس    : فأنبئت أنها جاءت به أكحل  جعدا حمش الساقين .   } 
 [ ص: 220 ] حدثنا عبد الله بن ربيع  أنا محمد بن معاوية  عن  محمد بن سيرين  عن {  أنس بن مالك  ، قال : أول لعان كان في الإسلام أن هلال بن أمية  قذف شريك ابن سحماء  بامرأته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بذلك ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أربعة شهداء وإلا حد في ظهرك   } وذكر حديث اللعان . 
قال  أبو محمد  رحمه الله : فهذا  أنس بن مالك  حجة في اللغة وفي النقل في الديانة قد سمى الرمي : قذفا ، مع أنه لا خلاف في ذلك من أحد من أهل اللغة ، ولا بين أحد من أهل الملة . 
وكذلك لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن " الرمي " المذكور في الآية المذكورة الموجب للجلد والفسق ، وسقوط الشهادة هو الرمي بالزنى بين الرجال والنساء . 
ثم اختلف العلماء في الرمي بغير الزنى أيوجب حدا أم لا  ؟ 
فقالت طائفة : لا حد إلا في الرمي بالزنى فقط ، ولا حد في غير ذلك ، لا في نفي عن نسب أب أو جد ، ولا في رمي بلوطية ، ولا في رمي ببغاء ، ولا في رمي رجل بوطء في دبر امرأة ، ولا في إتيان بهيمة ، ولا في رمي امرأة أنها أتيت في دبرها ، ولا في رميها ببهيمة ، ولا في رمي بكفر ، ولا بشرب خمر ، ولا في شيء أصلا - وهو قول أصحابنا . 
وقال قائلون في بعض ما ذكرنا : إيجاب الجلد ، ونحن نذكر إن شاء الله تعالى ما يسر الله تعالى لذكره من ذلك ، وبيان الحق إن شاء الله تعالى - وبه نستعين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					