[ ص: 316 ] فسخ نكاح المفقود 1937 - مسألة : ومن فقد فعرف أين موضعه ، أو لم يعرف في حرب فقد ، أو في غير حرب - وله زوجة أو أم ولد وأمة ومال    - : لم يفسخ بذلك نكاح امرأته أبدا ، وهي امرأته حتى يصح موته أو تموت هي ، ولا تعتق أم ولده ، ولا تباع أمته ، ولا يفرق ماله ، لكن ينفق على من ذكرنا من ماله . 
فإن لم يكن له مال بيعت الأمة ، وقيل للزوجة ، ولأم الولد : انظرا لأنفسكما ، فإن لم يكن لهما مال مكتسب أنفق عليهما من سهم الفقراء والمساكين من الصدقات كسائر الفقراء ، ولا فرق . 
وقد اختلف الناس في ذلك - : فصح عن  عمر بن الخطاب  أنه قال : امرأة المفقود تعتد أربع سنين من طرق - : منها - من طريق  حماد بن سلمة  عن عاصم الأحول  ، وسليمان التيمي  ، قال  عاصم  عن أبي  عثمان النهدي  عن  عمر  ، وقال سليمان  عن أبي عمرو الشيباني  عن  عمر  ، وكلاهما أدرك  عمر  وسمع منه . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  نا  عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي  نا خالد الحذاء  عن  أبي نضرة  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى  قال : شهدت  عمر  خير مفقودا تزوجت امرأته بينها وبين المهر الذي ساقه إليها . 
قال  أبو محمد    : إنما أوردنا هذا ليصح سماع عبد الرحمن  لذلك من  عمر    - : ومن طريق  حماد بن سلمة  عن  ثابت البناني  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى  أن رجلا  [ ص: 317 ] فقدته امرأته فأتت  عمر بن الخطاب  بعد أربع سنين فسأل قومها فصدقوها ، فأمرها أن تعتد أربع سنين من ذي قبل - ثم تزوجت ، فجاء زوجها - وذكر الخبر . قال : فخيره  عمر  بين الصداق وبين امرأته فاختار الصداق . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  عن  داود بن أبي هند  عن  أبي نضرة  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى    : أن امرأة فقدت زوجها فأتت  عمر  فسأل جيرانها وقومها فصدقوها ، فقال لها : اعتدي أربع سنين وتزوجي ، فجاء زوجها بعد ذلك ، فخيره  عمر  بين الصداق وبين امرأته . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن  ثابت البناني  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى  قال : فقدت امرأة زوجها فمكثت أربع سنين ، ثم ذكرت أمرها  لعمر بن الخطاب  ، فأمرها أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه ، فإن جاء زوجها وإلا تزوجت ؟ فتزوجت بعد أن مضت السنوات الأربع ولم تسمع له بذكر - ثم جاء زوجها فأخبر بالخبر ، فأتى إلى  عمر  ؟ فقال له  عمر    : إن شئت رددنا إليك امرأتك ، وإن شئت زوجناك غيرها ؟ قال : بل زوجني غيرها . 
ومن طريق  سعيد بن منصور  نا  هشيم  نا  داود بن أبي هند  عن  أبي نضرة  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى    : أن رجلا من الأنصار خرج ليلا فاستبته الجن فطالت غيبته ، فأتت امرأته  عمر بن الخطاب  فأخبرته ؟ فأمرها أن تعتد أربع سنين ، ففعلت فأمرها أن تتزوج ففعلت ، . وقدم زوجها الأول فخيره  عمر  بين امرأته وبين الصداق ؟ فاختار امرأته ، ففرق  عمر  بينهما وردها إليه . 
قال  أبو محمد    : هذا الذي لا يصح عن  عمر  غيره أصلا ، وهو أن تبتدئ بتربص أربع سنين من حين ترفع أمرها إلى الإمام ، فإذا أتمت الأربع سنين تزوجت - إن شاءت - فإن جاء زوجها - وقد تزوجت - فهو مخير بين صداقها الذي أعطاها ، وبين أن ترد إليه امرأته ويفسخ نكاح الآخر ، أو يزوجه الإمام زوجة أخرى . 
وروينا نحو هذا عن  ابن عباس    ;  وابن عمر  من طريق  سعيد بن منصور  نا أبو عوانة  عن  أبي بشر  عن عمرو بن هرم  عن  جابر بن زيد  عن  ابن عباس   وابن عمر    ; قالا جميعا : في امرأة المفقود : تنتظر أربع سنين - قال  ابن عمر    : ينفق عليها فيها من مال زوجها ،  [ ص: 318 ] لأنها حبست نفسها عليه - قال  ابن عباس    : إذا يجحف ذلك بالورثة ، ولكن تستدين ، فإن جاء زوجها أخذت من ماله ، فإن مات قضت من نصيبها من الميراث - ثم قالا جميعا ينفق عليها بعد الأربع سنين أربعة أشهر وعشرا من جميع المال . 
قال  أبو محمد    : هذا صحيح عن  ابن عباس  ،  وابن عمر    . 
وروي عن  عمر  غير هذا من طريق لا تصح فيها  الحجاج بن أرطاة  أن  عمر  أمر امرأة المفقود أن تتربص أربع سنين من حين ترفع أمرها إليه ، فإذا أتمتها طلقها وليه عنه ، ثم تعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشرا ، ثم تتزوج ، فإن جاء زوجها - وقد تزوجت - خيره  عمر  بينها وبين صداقها . 
وروي عن  عمر  غير هذا كله أيضا من طرق لا تصح ، لأن فيها  عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي  وهي أيضا مرسلة عن  عبيد بن عمير    - قال : فقدت امرأة زوجها فأتت  عمر بن الخطاب  ، فأمرها أن تتربص أربعة أعوام ، ففعلت ، ثم جاءته ، فأمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا ، ثم أتته فدعا ولي المفقود فأمره أن يطلقها ؟ فطلقها ، فأمرها أن تعتد ثلاثة قروء ففعلت ثم أتته ، فأباح لها الزواج ، فتزوجت فجاء زوجها المفقود ؟ فخيره  عمر  بين امرأته تلك وبين الصداق ، فاختار الصداق ، فأمر له  عمر  بالصداق . 
وروي عن  عمر  أيضا قول رابع - لا يصح ، لأنه مرسل من طريق  مالك  عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  عن  سعيد بن المسيب  قال : إن  عمر بن الخطاب  قال : أيما امرأة فقدت زوجها فإنها تنتظره أربع سنين ، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ، ثم تحل . 
وروينا من طريق الحسن  عن  عمر  مثل ذلك . 
ومن طريق الزهري   وعطاء  وعمرو بن دينار  عن  عمر  مثل ذلك . 
وروينا عن  عمر  أيضا غير ذلك كله من طريق ضعيفة فيها  المنهال بن عمرو    : أن  عمر بن الخطاب  أتته امرأة فقدت زوجها مذ ثلاثة أعوام وثمانية أشهر ، فأمرها عمر أن تتم أربع سنين ، ثم تعتد عدة المتوفى عنها ، ثم تتزوج إن شاءت . 
قال  أبو محمد    : وقد جاء من طريق  سعيد بن المسيب  ، وعمرو بن دينار  والزهري  ، غير ما ذكرنا آنفا عنهم - :  [ ص: 319 ] كما روينا من طريق  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  أخبرني عمرو بن دينار  قال : إن  عمر بن الخطاب  أمر ولي المغيب عنها زوجها أن يطلقها . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن الزهري  عن سعيد بن المسيب أن  عمر بن الخطاب  ،  وعثمان بن عفان    : قضيا في المفقود أن امرأته تتربص أربع سنين ، وأربعة أشهر وعشرا بعد ذلك ، ثم تتزوج - فإن جاء زوجها الأول خير بين الصداق وبين امرأته . 
قال  أبو محمد    : ليس  معمر  دون  مالك    . 
وأما الزهري  فأحفظ من يحيى بن سعيد  ، ورواية سعيد  هذه عن  عثمان  صحيحة ; لأنه أدركه وجالسه وقتل عثمان    - رضي الله عنه -  وابن المسيب  له عشرون سنة . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  قال : أخبرني  عطاء الخراساني    : أن ابن شهاب  أخبره : أن  عمر  ،  وعثمان  قضيا في ميراث المفقود : أنه يقسم من يوم تمضي الأربع السنون وتستقبل امرأته عدة أربعة أشهر وعشرا . 
ومن طريق  سعيد بن منصور  ثنا  سفيان - هو ابن عيينة    - عن عمرو بن دينار  عن يحيى بن جعدة    : أن امرأة فقدت زوجها فلبثت ما شاء الله تعالى ، ثم أتت  عمر بن الخطاب  فأمرها أن تتربص أربع سنين ، فلم يجئ فأمر  عمر  وليه أن يطلقها ، ثم أمرها أن تعتد ، فإذا انقضت عدتها ، فإن جاء زوجها خيره بينها وبين الصداق . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  عن  أيوب السختياني  عن أبي المليح الهذلي    : أن رجلا ركب البحر فتيه به ، فتزوجت امرأته وأمهات أولاده ، وقسم ميراثه ، فقدم بعد ذلك . فارتفعوا إلى  عثمان بن عفان  فخير الرجل بين امرأته وبين الصداق ، ورد عليه أمهات أولاده وجعل في أولادهن الفداء ، فلما قتل  عثمان    - رضي الله عنه - ارتفعوا إلى  علي بن أبي طالب  فقضى بمثل قضاء  عثمان    . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن  أيوب السختياني    : أن أبا المليح بن أسامة  سئل عن امرأة المفقود ؟ فقال أبو مليح    : حدثتني سهيمة بنت عمر الشيبانية  أنها فقدت زوجها في غزاة غزاها ، فلم يدر أهلك أم لا ، فتربصت أربع سنين ، ثم تزوجت فجاء زوجها الأول ، فركب هو وزوجها الثاني إلى  عثمان  فأخبراه ، فقال  عثمان  يخير الأول  [ ص: 320 ] بين امرأته وبين صداقها ، فلم يلبث أن قتل  عثمان  فركبا إلى  علي  بالكوفة  فقال : ما أرى إلا ما قال  عثمان  ؟ قالت : فاختار الصداق ، فأعنت زوجي بألفين وكان الصداق أربعة آلاف ; ورد أمهات أولاده - كن تزوجن بعده - ورد أولادهن معهن ; علمي أنه قاله . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  أرنا  قتادة  عن  خلاس بن عمرو  أن  علي بن أبي طالب  قال : امرأة المفقود تعتد أربع سنين ، ثم يطلقها الولي ، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ، فإذا جاء زوجها خير بين امرأته وبين الصداق - وهذا صحيح عن  علي    . 
قال  أبو محمد    : وأما التابعون فروينا - : ومن طريق الحجاج بن المنهال  نا الربيع بن حبيب  قال : سألت الحسن البصري  عن المفقود زوجها ؟ فقال : تعتد أربع سنين ، ثم يطلقها وليه ، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا - عدة المتوفى عنها زوجها - ثم تتزوج إن شاءت ، فإن جاء زوجها فهو بالخيار ، فإن شاء امرأته ، وإن شاء صداقها الذي كان أصدقها . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  عن  قتادة  أن الحسن  كان يخير المفقود بين الصداق الأول وبين امرأته ، قال  قتادة  ، وقال  الخلاس بن عمرو    : يخير بين الصداق الآخر وبين امرأته . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  أرنا  عطاء بن السائب  قال : بينما أنا عند  إبراهيم النخعي    - وعنده رجل من أصحاب السابري حزين كئيب - فقلت : ما شأن ذا ؟ فقال  النخعي  قدم زوج امرأته ؟ فقلت : فكيف يصنع ؟ قال : يخير بين الصداق وبين امرأته ، فإن اختار الطلاق أقام هذا على امرأته ولا تعتد منه ، لأن الماء ماؤه ، وإن اختار امرأته اعتدت من هذا ، قال  عطاء    : فأخبرت بذلك الحكم بن عتيبة  ، فقال : لا يكون شيء من هذا إلا وفيه عدة . 
ومن طريق  عبد الرزاق  نا  ابن جريج  عن  عطاء بن أبي رباح  في امرأة المفقود ؟ قال : تتربص أربع سنين من يوم يتكلم ، ثم يطلقها وليه يأخذ بالوثاق ، ولا يمنع زوجها تلك الطلقة - وإن كانت ألبتة - فإن جاء فاختارها اعتدت من الآخر ، وإن اختار صداقها غرمته هي من مالها ، ولم تعتد من الآخر ، وقرت عنده كما هي . 
 [ ص: 321 ] ومن طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن الزهري  في امرأة المفقود يأتي وقد تزوجت أن المرأة تغرم الصداق . 
ومن طريق أبي عبيد  نا  يحيى بن بكير  عن  الليث بن سعد  عن أيوب بن موسى  عن  مكحول  في امرأة المفقود إذا قدم الأول كانت امرأته - إن شاء - واعتدت من زوجها الذي هي عنده ، وإن شاء فله ما أصدقها . 
ومن طريق أبي عبيد  نا  محمد بن أبي عدي  عن  داود بن أبي هند  عن الشعبي  قال : لولا أن  عمر  خير المفقود لرأيته أحق بها إذا شاء . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  عن  قتادة  قال : كتب  عمر بن عبد العزيز  إلى  عدي بن أرطاة  أن امرأة المفقود تعتد أربع سنين . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  سفيان الثوري  عن  داود بن أبي هند  عن  سعيد بن المسيب  قال : إذا فقد في الصف تربصت به سنة ، وإذا فقد في غير صف فأربع سنين . 
وبه إلى  عبد الرزاق  عن  معمر  عن  قتادة  قال : إذا مضت أربع سنين من حين ترفع امرأة المفقود أمرها فإنه يقسم ماله بين ورثته . 
ومن طريق  ابن وهب  عن عبد الرحمن بن أبي الزناد  عن أبيه قال في الذي يحضر القتال فلا يدرى أسر أم قتل ؟ فإني أرى أن تعتد امرأته عدة المؤجلة أربع سنين وأربعة أشهر وعشرا ثم تنكح إن شاءت . 
ومن طريق  ابن وهب  عن  يونس بن يزيد  عن ربيعة  في المفقود يتلوم لطلبه فلا يوجد له خبر ، فذلك الذي يضرب الإمام لامرأته فيما بلغنا ، ثم تعتد عدة المتوفى عنها زوجها . 
يقولون : إن جاء زوجها في عدتها أو بعد العدة - ما لم تنكح - فهو أحق بها ، فإن نكحت بعد العدة ودخل بها ، فلا سبيل له عليها . 
ومن طريق  ابن وهب  عن عبد الجبار بن عمر  عن  ربيعة  قال : إذا فرق السلطان بينهما فلا سبيل للأول عليها ، ولا رجعة - دخل بها أو لم يدخل . 
وروينا غير هذا كله عن  ابن أبي طالب  ، وغيره . 
 [ ص: 322 ] كما روينا من طريق أبي عبيد  نا جرير  عن  منصور بن المعتمر  عن  الحكم بن عتيبة  قال : قال  علي بن أبي طالب  إذا فقدت المرأة زوجها لم تتزوج حتى يقدم أو تموت . 
ومن طريق أبي عبيد  أيضا نا  هشيم  نا  سيار  عن الشعبي  قال : قال  علي بن أبي طالب  إذا جاء زوجها الأول فلا خيار له ، وهي امرأته . 
ومن طريق أبي عبيد  نا  علي بن معبد  عن  عبد الله بن عمرو  عن  عبد الكريم الجزري  عن  سعيد بن جبير  قال : قال  علي بن أبي طالب  في امرأة المفقود تزوج : هي امرأة الأول - دخل بها الآخر أو لم يدخل . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  قال : بلغني عن  ابن مسعود    : أنه وافق  علي بن أبي طالب  في امرأة المفقود على أنها تنتظره أبدا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					