( 91 ) فصل : فأما سائر الآنية فمباح اتخاذها واستعمالها ،  سواء كانت ثمينة ، كالياقوت والبلور والعقيق والصفر والمخروط من الزجاج ، أو غير ثمينة ، كالخشب والخزف والجلود . ولا يكره استعمال شيء منها في قول عامة أهل العلم ، إلا أنه روي عن  ابن عمر  أنه كره الوضوء في الصفر والنحاس والرصاص وما أشبه ذلك .  
واختار  [ ص: 60 ] ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي    ; لأن الماء يتغير فيها ، وروي أن الملائكة تكره ريح النحاس ، وقال  الشافعي  في أحد قوليه : ما كان ثمينا لنفاسة جوهره فهو محرم ; لأن تحريم الأثمان تنبيه على تحريم ما هو أعلى منه ; ولأن فيه سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء ، فكان محرما كالأثمان . 
ولنا ما روي عن  عبد الله بن زيد  ، قال : { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر ، فتوضأ .   } متفق عليه ، وروى أبو داود  في " سننه " ، عن  عائشة  قالت : { كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تور من شبه   } ولأن الأصل الحل ، فيبقى عليه ، ولا يصح قياسه على الأثمان ; لوجهين : أحدهما أن هذا لا يعرفه إلا خواص الناس ، فلا تنكسر قلوب الفقراء باستعماله ، بخلاف الأثمان . 
والثاني أن هذه الجواهر لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها إلا نادرا ، فلا تفضي إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها ، وتعلق التحريم بالأثمان التي هي واقعة في مظنة الكثرة ، فلم يتجاوزه ، كما تعلق حكم التحريم في اللباس بالحرير ، وجاز استعمال القصب من الثياب  ، وإن زادت قيمته على قيمة الحرير ; ولأنه لو جعل فص خاتمه جوهرة ثمينة جاز ، وخاتم الذهب  حرام ، ولو جعل فصه ذهبا كان حراما ، وإن قلت قيمته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					