( 8269 ) فصل : ولا ينبغي للقاضي أن يتولى البيع والشراء بنفسه ;  لما روى أبو الأسود المالكي  ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {   : ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا   } ولأنه يعرف فيحابى ، فيكون كالهدية ، ولأن  [ ص: 119 ] ذلك يشغله عن النظر في أمور الناس . 
وقد روي عن  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه أنه لما بويع ، أخذ الذراع وقصد السوق ، فقالوا : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسعك أن تشتغل عن أمور المسلمين . قال : فإني لا أدع عيالي يضيعون . قالوا : فنحن نفرض لك ما يكفيك . ففرضوا له كل يوم درهمين . 
فإن باع واشترى ، صح البيع ; لأن البيع تم بشروطه وأركانه . وإن احتاج إلى مباشرته ، ولم يكن له من يكفيه ، جاز ذلك ، ولم يكره ; لأن  أبا بكر  رضي الله عنه قصد السوق ليتجر فيه ، حتى فرضوا له ما يكفيه ، ولأن القيام بعياله فرض عين ، فلا يتركه لوهم مضرة ، وأما إذا استغنى عن مباشرته ، ووجد من يكفيه ذلك كره له ; لما ذكرنا من المعنيين . وينبغي أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله ; لئلا يحابى . 
وهذا مذهب  الشافعي    . وحكي عن  أبي حنيفة  ، أنه قال : لا يكره له البيع والشراء وتوكيل من يعرف ; لما ذكرنا من قضية  أبي بكر  رضي الله عنه ولنا ، ما ذكرناه . وروي عن  شريح  ، أنه قال : شرط علي  عمر  حين ولاني القضاء أن لا أبيع ، ولا أبتاع ، ولا أرتشي ، ولا أقضي وأنا غضبان . وقضية  أبي بكر  حجة لنا ; فإن الصحابة أنكروا عليه ، فاعتذر بحفظ عياله عن الضياع ، فلما أغنوه عن البيع والشراء بما فرضوا لهم ، قبل قولهم ، وترك التجارة ، فحصل الاتفاق منهم على تركها عند الغنى عنها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					