( 802 ) مسألة : قال ( ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبته ، أجزأه ذلك ) وجملة ذلك أن ستر العورة  عن النظر بما لا يصف البشرة واجب ، وشرط لصحة الصلاة . وبه قال  الشافعي  وأصحاب الرأي وقال بعض أصحاب  مالك    : سترها واجب ، وليس بشرط لصحة الصلاة . وقال بعضهم : هي شرط مع الذكر دون السهو . احتجوا على أنها ليست شرطا بأن وجوبها لا يختص بالصلاة ، فلم يكن شرطا ، كاجتناب الصلاة في الدار المغصوبة . ولنا ما روت  عائشة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار   } رواه أبو داود  والترمذي ،   [ ص: 337 ] وقال حديث حسن ، وقال  سلمة بن الأكوع    { قلت يا رسول الله ، إني أكون في الصيد في القميص الواحد ؟ قال : نعم ، وازرره ولو بشوكة   } . حديث حسن . 
وما ذكروه ينتقض بالإيمان والطهارة ، فإنها تجب لمس المصحف ، والمسألة ممنوعة ، قال  ابن عبد البر    : احتج من قال الستر من فرائض الصلاة ، بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به ، وصلى عريانا  ، قال : وهذا أجمعوا عليه كلهم . إذا ثبت هذا ، فالكلام في حد العورة ،  والصالح في المذهب ، أنها من الرجل ما بين السرة والركبة . نص عليه  أحمد  في رواية جماعة ، وهو قول  مالك  ،  والشافعي  ،  وأبي حنيفة  وأكثر الفقهاء ، وفيه رواية أخرى أنها الفرجان . قال مهنا  ، سألت  أحمد  ما العورة ؟ قال : الفرج والدبر . وهذا قول  ابن أبي ذئب   وداود  لما روى  أنس  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ،  حسر الإزار عن فخذه ، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم .   } رواه  البخاري    ( وقال حديث  أنس  أسند ، وحديث جرهد  أحوط ) 
، وروت  عائشة  قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته كاشفا عن فخذه ، فاستأذن أبو بكر ،  فأذن له وهو على ذلك ، ثم استأذن  عمر  فأذن له وهو على ذلك .   } وهذا يدل على أنه ليس بعورة ، ولأنه ليس بمخرج للحدث ، فلم يكن عورة ، كالساق . 
ووجه الرواية الأولى ، ما روى  الخلال  بإسناده ، والإمام  أحمد  في ( مسنده ) ; عن جرهد ،    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه قد كشف عن فخذه ، فقال : غط فخذك ; فإن الفخذ من العورة   } قال  البخاري    : حديث  أنس  أسند ، وحديث جرهد  أحوط وروى  الدارقطني    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  لعلي    : لا تكشف فخذك ، ولا تنظر فخذ حي ، ولا ميت   } وهذا صريح في الدلالة ، فكان أولى . 
وروى أبو بكر ،  بإسناده ، عن  أبي أيوب الأنصاري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة   } وروى  الدارقطني ،  بإسناده عن  عمرو بن شعيب  عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره ، فلا ينظر إلى شيء من عورته ; فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة   } . وفي لفظ : { ما بين سرته وركبته من عورته   } . رواه أبو بكر  ، وفي لفظ : { إذا زوج أحدكم خادمه ، عبده ، أو أجيره ، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة   } . رواه أبو داود    . وهذه نصوص يتعين تقديمها ، والأحاديث السابقة تحمل على أن غير الفرجين عورة غير مغلظة ، والمغلظة هي الفرجان . 
وهذا نص ، والحر والعبد في هذا سواء ، لتناول النص لهما جميعا . ( 803 ) فصل : وليست سرته وركبتاه من عورته . نص عليه  أحمد  في مواضع . وهذا قال به  مالك  ،  والشافعي  ، وقال  أبو حنيفة  الركبة من العورة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الركبة من العورة   } . ولنا ما تقدم من حديث  أبي أيوب  ،  وعمرو بن شعيب ;  ولأن الركبة حد فلم تكن من العورة كالسرة . وحديثهم يرويه أبو الجنوب ،  لا يثبته أهل النقل . 
وقد قبل  أبو هريرة  سرة  الحسن  ، ولو كانت عورة لم يفعلا ذلك . ( 804 ) فصل : والواجب الستر بما يستر لون البشرة ،  فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه ، فيعلم بياضه أو حمرته ، لم تجز الصلاة فيه ; لأن الستر لا يحصل بذلك . وإن كان يستر لونها ، ويصف الخلقة ، جازت الصلاة ; لأن هذا لا يمكن التحرز منه ، وإن كان الساتر صفيقا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					