( 7185 ) فصل : واذا لم تكمل شهود الزنا  ، فعليهم الحد . في قول أكثر أهل العلم ، منهم  مالك  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي . وذكر  أبو الخطاب  فيهم روايتين . وحكي عن  الشافعي  فيهم قولان ; أحدهما : لا حد عليهم ; لأنهم  [ ص: 67 ] شهود فلم يجب عليهم الحد ، كما لو كانوا أربعة أحدهما فاسق . 
ولنا قول الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة    } . وهذا يوجب الجلد على كل رام لم يشهد بما قال أربعة ; ولأنه إجماع الصحابة ، فإن  عمر  جلد  أبا بكرة  وأصحابه حين لم يكمل الرابع شهادته ، بمحضر من الصحابة ، فلم ينكره أحد . وروى صالح  في " مسائله " بإسناده عن  أبي عثمان النهدي  ، قال : جاء رجل إلى  عمر  ، فشهد على  المغيرة بن شعبة  ، فتغير لون  عمر  ، ثم جاء آخر فشهد ، فتغير لون  عمر  ، ثم جاء آخر فشهد ، فاستكبر ذلك  عمر  ، ثم جاء شاب يخطر بيديه ، فقال  عمر    : ما عندك يا سلح العقاب ؟ وصاح به  عمر  صيحة ، فقال أبو عثمان    : والله لقد كدت يغشى علي . فقال : يا أمير المؤمنين ، رأيت أمرا قبيحا . فقال : الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فأمر بأولئك النفر فجلدوا . وفي رواية أن  عمر  لما شهد عنده على المغيرة  ، شهد ثلاثة ، وبقي زياد ، فقال  عمر  أرى شابا حسنا ، وأرجو أن لا يفضح الله على لسانه رجلا من أصحاب محمد  رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : يا أمير ، رأيت استا تنبو ، ونفسا يعلو ، ورأيت رجليها فوق عنقه ، كأنهما أذنا حمار ، ولا أدري ما وراء ذلك ؟ فقال  عمر    : الله أكبر . وأمر بالثلاثة فضربوا . وقول  عمر    : يا سلح العقاب معناه : أنه يشبه سلح العقاب ، الذي يحرق كل شيء أصابه ، وكذلك هذا ، توقع العقوبة بأحد الفريقين لا محالة ، إن كملت شهادته حد المشهود عليه ، وإن لم تكمل ، حد أصحابه . 
فإن قيل : فقد خالفهم أبو بكرة وأصحابه الذين شهدوا . قلنا : لم يخالفوا في وجوب الحد عليهم ، إنما خالفوهم في صحة ما شهدوا به ; ولأنه رام بالزنا لم يأت بأربعة شهداء ، فيجب عليه الحد ، كما لو لم يأت بأحد . 
				
						
						
