( 6774 ) مسألة قال  أبو القاسم  رحمه الله : ( ودية الحر المسلم مائة من الإبل ) أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية ، وأن دية الحر المسلم  مائة من الإبل . وقد دلت عليه الأحاديث الواردة ; منها حديث عمرو بن حزم  ، وحديث  عبد الله بن عمر  في دية خطأ العمد ، وحديث  ابن مسعود  في دية الخطأ ، وسنذكرها إن شاء الله . وظاهر كلام  الخرقي  أن الأصل في الدية الإبل لا غير . وهذا إحدى الروايتين عن  أحمد  رحمه الله ذكر ذلك  أبو الخطاب    . وهو قول  طاوس  ،  والشافعي  ،  وابن المنذر  وقال  القاضي    : لا يختلف المذهب أن أصول الدية الإبل والذهب والورق والبقر والغنم ، فهذه خمسة لا يختلف المذهب فيها . 
وهذا قول  عمر  ،  وعطاء  ،  وطاوس  ، وفقهاء المدينة السبعة     . وبه قال  الثوري  ،  وابن أبي ليلى  ،  وأبو يوسف   ومحمد    ; لأن عمرو بن حزم  روى في كتابه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن    : { وأن في النفس المؤمنة مائة من الإبل ، وعلى أهل الورق ألف دينار   } رواه  النسائي    . وروى  ابن عباس    { أن رجلا من بني عدي  قتل ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا .   } رواه أبو داود  ،  وابن ماجه    . وروى الشعبي  ، أن  عمر  جعل على أهل الذهب ألف دينار . وعن  عمرو بن شعيب  عن أبيه ، عن جده أن  عمر  قام خطيبا ، فقال : ألا إن الإبل قد غلت . : فقوم على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاة ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة . رواه أبو داود    .  [ ص: 290 ] 
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { ألا إن في قتيل عمد الخطأ ، قتيل السوط والعصا ، مائة من الإبل   } ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين دية العمد والخطأ ، فغلظ بعضها ، وخفف بعضها ، ولا يتحقق هذا في غير الإبل ، ولأنه بدل متلف حقا لآدمي ، فكان متعينا كعوض الأموال . وحديث  ابن عباس  يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الورق بدلا عن الإبل ، والخلاف في كونها أصلا . وحديث  عمرو بن شعيب  يدل على أن الأصل الإبل ، فإن إيجابه لهذه المذكورات على سبيل التقويم ، لغلاء الإبل ، ولو كانت أصولا بنفسها ، لم يكن إيجابها تقويما للإبل ، ولا كان لغلاء الإبل أثر في ذلك ، ولا لذكره معنى . 
وقد روي أنه كان يقوم الإبل قبل أن تغلو بثمانية آلاف درهم ، ولذلك قيل : إن دية الذمي أربعة آلاف درهم ، وديته نصف الدية ، فكان ذلك أربعة آلاف حين كانت الدية ثمانية آلاف درهم . ( 6775 ) فصل : فإذا قلنا هي خمسة أصول ، فإن قدرها من الذهب ألف مثقال ، ومن الورق اثنا عشر ألف درهم ، ومن البقر والحلل مائتان ، ومن الشاء ألفان ، ولم يختلف القائلون بهذه الأصول في قدرها من الذهب ، ولا من سائرها ، إلا الورق ، فإن  الثوري   وأبا حنيفة  وصاحبيه قالوا : قدرها عشرة آلاف من الورق . وحكي ذلك عن  ابن شبرمة    ; لما روى الشعبي  ، أن  عمر  جعل على أهل الورق عشرة آلاف . ولأن الدينار معدول في الشرع بعشرة دراهم ، بدليل أن نصاب الذهب عشرون مثقالا ، ونصاب الفضة مائتان . 
وبما ذكرناه قال الحسن  ،  وعروة  ،  ومالك  ،  والشافعي  في قول . وروي ذلك عن  عمر ،   وعلي   وابن عباس  ، لما ذكرنا من حديث  ابن عباس  ، وحديث  عمرو بن شعيب  عن أبيه ، عن جده ، عن  عمر ،  ولأن الدينار معدول باثني عشر درهما ، بدليل أن  عمر  فرض الجزية على الغني أربعة دنانير أو ثمانية وأربعين درهما ، وعلى المتوسط دينارين ، أو أربعة وعشرين درهما ، وعلى الفقير دينارا أو اثني عشر درهما . وهذا أولى مما ذكروه في نصاب الزكاة ، ولأنه لا يلزم أن يكون نصاب أحدهما معدولا بنصاب الآخر ، كما أن السائمة من بهيمة الأنعام ليس نصاب شيء منها معدولا بنصاب غيره . 
قال  ابن عبد البر    : ليس مع من جعل الدية عشرة آلاف عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث مسند ولا مرسل ، وحديث الشعبي  عن  عمر ،  يخالفه حديث  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده عنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					