( 6232 ) مسألة قال  أبو القاسم    - رحمه الله - : ( وإذا قذف الرجل زوجته البالغة الحرة المسلمة ، فقال لها : زنيت . أو : يا زانية . أو : رأيتك تزنين . ولم يأت بالبينة ، لزمه الحد ،  إن لم يلتعن ، مسلما كان أو كافرا ، حرا كان أو عبدا ) . الكلام في هذه المسألة في فصول : ( 6233 ) الفصل الأول في صفة الزوجين اللذين يصح اللعان بينهما    . وقد اختلفت الرواية فيهما ، فروي أنه يصح من كل زوجين مكلفين ، سواء كانا مسلمين أو كافرين ، أو عدلين أو فاسقين ، أو محدودين في قذف ، أو كان أحدهما كذلك . 
وبه قال  سعيد بن المسيب  ،  وسليمان بن يسار  ، والحسن  ،  وربيعة  ،  ومالك  ، وإسحاق    . قال  أحمد  ، في رواية ابن منصور    : جميع الأزواج يلتعنون ; الحر من الحرة والأمة إذا كانت زوجة ، وكذلك العبد من الحرة والأمة إذا كانت زوجة . وكذلك المسلم من اليهودية والنصرانية . وعن  أحمد  ، رواية أخرى : لا يصح اللعان إلا من زوجين مسلمين ، عدلين ، حرين ، غير محدودين في قذف . وروي هذا عن الزهري  ،  والثوري  ، والأوزاعي  ، وحماد  ، وأصحاب الرأي . وعن  مكحول    : ليس بين المسلم والذمية لعان . وعن  عطاء  ،  والنخعي  ، في المحدود في القذف : يضرب الحد ، ولا يلاعن . وروي فيه حديث لا يثبت . 
كذلك قال  الشافعي  ، والساجي    . لأن اللعان شهادة ، بدليل قوله سبحانه : { ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم    } . فاستثنى أنفسهم من الشهداء . وقال تعالى : { فشهادة أحدهم أربع شهادات    } . فلا يقبل ممن ليس من أهل الشهادة . وإن كانت المرأة ممن لا يحد بقذفها ، لم يجب اللعان    ; لأنه يراد لإسقاط الحد ، بدليل قوله تعالى : { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله    } . ولا حد هاهنا ، فينتفي اللعان لانتفائه . وذكر  القاضي  في ( المجرد ) أن من لا يجب الحد بقذفها ، وهي الأمة ، والذمية ، والمحدودة في الزنا ، لزوجها لعانها ; لنفي  [ ص: 41 ] الولد خاصة ، وليس له لعانها لإسقاط القذف والتعزير ، لأن الحد لا يجب ، واللعان إنما يشرع لإسقاط حد ، أو نفي ولد ، فإذا لم يكن واحد منهما لم يشرع اللعان . 
ولنا ، عموم قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم    } . الآية ، ولأن اللعان يمين ، فلا يفتقر إلى ما شرطوه ، كسائر الأيمان ، ودليل أنه يمين قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لولا الأيمان ، لكان لي ولها شأن   } . وأنه يفتقر إلى الله تعالى ، ويستوي فيه الذكر والأنثى . وأما تسميته شهادة ، فلقوله في يمينه : أشهد بالله . فسمى ذلك شهادة وإن كان يمينا ، كما قال الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله    } ولأن الزوج يحتاج إلى نفي الولد ، فيشرع له طريقا إلى نفيه ، كما لو كانت امرأته ممن يحد بقذفها وهذه الرواية هي المنصوصة عن  أحمد  في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل . 
وأما قول  الخرقي    : وإذا قذف زوجته البالغة الحرة المسلمة . فيحتمل أنه شرط هذا لوجوب الحد عليه ، لا لنفي اللعان . ويحتمل أن يكون هذا شرطا عنده في المرأة ، لتكون ممن يجب عليه الحد بقذفها ، فينفيه باللعان ، ولا يشترط في الزوج شيء من ذلك ; لأن الحد يجب عليه بقذف المحصنة ، وإن كان ذميا أو فاسقا . فأما قوله : مسلما كان أو كافرا . ففيه نظر ; لأنه أوجب عليه بقذف زوجته المسلمة ، والكافر لا يكون زوجا لمسلمة ، فيحتاج إلى تأويل لفظه بحمله على أحد شيئين أحدهما : أنه أراد أن الزوج يلاعن زوجته ، وإن كان كافرا ، فرد ذلك إلى اللعان ، لا إلى الحد . الثاني ، أنه أراد ما إذا أسلمت زوجته ، فقذفها في عدتها ، ثم أسلم الزوج ، فإنه يلاعن . 
( 6234 ) فصل : ولا فرق بين كون الزوجة مدخولا بها ، أو غير مدخول بها ، في أنه يلاعنها    . قال  ابن المنذر    : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار ; منهم  عطاء  ، والحسن  ، والشعبي  ،  والنخعي  ، وعمرو بن دينار  ،  وقتادة  ،  ومالك  ، وأهل المدينة  ،  والثوري  ، وأهل العراق  ،  والشافعي  ، بظاهر قول الله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم    } . فإن كانت غير مدخول بها ، فلها نصف الصداق ; لأنها فرقة منه . كذلك قال الحسن  ،  وسعيد بن جبير  ،  وقتادة  ،  ومالك    . وفيه رواية أخرى ، لا صداق لها ; لأن الفرقة حصلت بلعانهما جميعا ، فأشبه الفرقة لعيب في أحدهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					