( 5676 ) فصل : فأما ستر الحيطان بستور غير مصورة ;  فإن كان لحاجة من وقاية حر أو برد ، فلا بأس به ; لأنه يستعمله في حاجته ، فأشبه الستر على الباب ، وما يلبسه على بدنه ، وإن كان لغير حاجة ، فهو مكروه ، وعذر في الرجوع عن الدعوة وترك الإجابة ; بدليل ما روى سالم بن عبد الله بن عمر  ، قال : أعرست في عهد أبي فآذن أبي الناس ، فكان  أبو أيوب  فيمن آذن ، وقد ستروا بيتي بخباء أخضر ، فأقبل  أبو أيوب  مسرعا ، فاطلع ، فرأى البيت مستترا بخباء أخضر ، فقال : يا عبد الله  أتسترون الجدر ؟ فقال أبي ، واستحيا : غلبتنا النساء يا  أبا أيوب    . فقال : من خشيت أن يغلبه النساء ، فلم أخش أن يغلبنك ثم قال : لا أطعم لكم طعاما ، ولا أدخل لكم بيتا ، ثم خرج . رواه  الأثرم  
وروي عن عبد الله بن يزيد الخطمي  ، أنه دعي إلى طعام ، فرأى البيت منجدا ، فقعد خارجا وبكى ، قيل له : ما يبكيك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد رقع بردة له بقطعة أدم ، فقال : { تطالعت عليكم الدنيا . ثلاثا ، ثم قال : أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى ، ويغدوا أحدكم في حلة ويروح في أخرى ، وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة  ؟ . قال عبد الله    : أفلا أبكي ، وقد بقيت حتى رأيتكم تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة  ؟ .   } 
وقد روى  الخلال  ، بإسناده عن  ابن عباس  ، وعلي بن الحسين  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه نهى أن تستر الجدر .   } وروت  عائشة  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر فيما رزقنا أن نستر الجدر .   } 
إذا ثبت هذا ، فإن ستر الحيطان مكروه غير محرم وهذا مذهب  الشافعي    ; إذ لم يثبت في تحريمه دليل ، وقد فعله  ابن عمر  ، وفعل في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، وإنما كره لما فيه من السرف ، كالزيادة في الملبوس ، والمأكول . وقد قيل : هو محرم ; للنهي عنه . والأول أولى ; فإن النهي لم يثبت ، ولو ثبت الحمل على الكراهة ; لما ذكرناه . 
				
						
						
