( 564 ) فصل : الفصل الثاني ، أنه يشرع الأذان للفجر قبل وقتها    . وهو قول  مالك  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ، وإسحاق    . ومنعه  الثوري  ،  وأبو حنيفة  ،  ومحمد بن الحسن    ; لما روى  ابن عمر  ، { أن  بلالا  أذن قبل طلوع الفجر ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي : ألا إن العبد نام ، ألا إن العبد نام   } وعن  بلال    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يديه عرضا   } . رواهما أبو داود    . وقال طائفة من أهل الحديث : إذا كان له مؤذنان ، يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر ، والآخر بعده ، فلا بأس ; لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الإعلام بالوقت ، فلم يجز ، كبقية الصلوات ، إلا أن يكون له مؤذنان يحصل إعلام الوقت بأحدهما ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم 
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن  بلالا  يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن  ابن أم مكتوم    } متفق عليه . وهذا يدل على دوام ذلك منه ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقره عليه ، ولم ينهه عنه ، فثبت جوازه وروى زياد بن الحارث الصدائي ،  قال { لما كان أول أذان الصبح أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت ، فجعلت أقول : أقيم يا رسول الله ؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق ، ويقول : لا . حتى إذا طلع الفجر نزل ، فبرز ، ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه ، فتوضأ ، فأراد  بلال  أن يقيم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أخا صداء  قد أذن ، ومن أذن فهو يقيم قال : فأقمت   } . رواه أبو داود  والترمذي    : وهذا قد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل طلوع الفجر ، وهو حجة على من قال : إنما يجوز إذا كان له مؤذنان ، فإن زيادا  أذن وحده . وحديث  ابن عمر  الذي احتجوا به ، قال أبو داود    : لم يروه إلا  حماد بن سلمة  ، ورواه حماد بن زيد  ، والدراوردي  ، فخالفاه ، وقالا : مؤذن  لعمر    . وهذا أصح . وقال  علي بن المديني    : أخطأ فيه ، يعني حمادا  ، وقال الترمذي    : هو غير محفوظ . وحديثهم الآخر ، قال  ابن عبد البر    : لا يقوم به ولا بمثله حجة ; لضعفه وانقطاعه . 
وإنما اختص الفجر بذلك ; لأنه وقت النوم ، لينتبه الناس ، ويتأهبوا للخروج إلى الصلاة ، وليس ذلك في غيرها ، وقد روينا في حديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن  بلالا  يؤذن بليل ; لينتبه نائمكم ، ويرجع قائمكم   } . رواه أبو داود    . 
ولا ينبغي أن يتقدم ذلك على الوقت كثيرا ، إذا كان المعنى فيه ما ذكرناه ، فيفوت المقصود منه . وقد روي { أن  بلالا  كان بين أذانه وأذان  ابن أم مكتوم  أن ينزل هذا ويصعد هذا   } . ويستحب أيضا أن لا يؤذن قبل الفجر ، إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح . كفعل  بلال   وابن أم مكتوم    ; اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالأذان ، فإذا كانا مؤذنين حصل الإعلام بالوقت بالثاني ، وبقربه بالمؤذن الأول . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					