( 5107 ) فصل : والمؤلفة قلوبهم ضربان    ; كفار ومسلمون ، وهم جميعا السادة المطاعون في قومهم وعشائرهم . فالكفار ضربان ; أحدهما ، من يرجى إسلامه ، فيعطى لتقوى نيته في الإسلام ، وتميل نفسه إليه ، فيسلم ; { فإن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة  ، أعطى صفوان بن أمية  الأمان ، واستنظره صفوان  أربعة أشهر لينظر في أمره ، وخرج معه إلى حنين  ، فلما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم العطايا قال صفوان    : ما لي ؟ فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى واد فيه إبل محملة ، فقال : هذا لك . فقال صفوان    : هذا عطاء من لا يخشى الفقر .   } 
والضرب الثاني ، من يخشى شره ، ويرجى بعطيته كف شره وكف غيره معه . وروي عن  ابن عباس  أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فإن أعطاهم مدحوا الإسلام ، وقالوا : هذا دين حسن . وإن منعهم ذموا وعابوا . وأما المسلمون فأربعة أضرب ; قوم من سادات المسلمين لهم نظراء من الكفار ، ومن المسلمين الذين لهم نية حسنة في الإسلام ، فإذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم وحسن نياتهم ، فيجوز إعطاؤهم ; لأن  أبا بكر  رضي الله عنه ، أعطى  عدي بن حاتم  ، والزبرقان بن بدر  ، مع حسن نياتهما وإسلامهما . 
الضرب الثاني ، سادات مطاعون في قومهم يرجى بعطيتهم قوة إيمانهم ، ومناصحتهم في الجهاد ، فإنهم يعطون ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عيينة بن حصن  ، والأقرع بن حابس  ، وعلقمة بن علاثة  ، والطلقاء من أهل مكة  ، وقال للأنصار    : { يا معشر الأنصار علام تأسون ؟ على لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما لا إيمان لهم ، ووكلتكم إلى إيمانكم ؟   } . وروى  البخاري  ، بإسناده عن عمرو بن تغلب  ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى أناسا وترك أناسا ، فبلغه عن الذين ترك أنهم عتبوا ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إني أعطي أناسا وأدع أناسا ، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ، أعطي أناسا لما في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أناسا إلى ما في قلوبهم من الغنى والخير ; منهم عمرو بن تغلب    } . 
وعن  أنس  ، قال : حين { أفاء الله على رسوله أموال هوازن  ، طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش  مائة من الإبل ، فقال ناس من الأنصار    : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا  ويمنعنا ، وسيوفنا تقطر من  [ ص: 329 ] دمائهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أعطي رجالا حدثاء عهد بكفر أتألفهم   } متفق عليه . الضرب الثالث ، قوم في طرف بلاد الإسلام ، إذا أعطوا دفعوا عمن يليهم من المسلمين . الضرب الرابع : قوم إذا أعطوا أجبوا الزكاة ممن لا يعطيها إلا أن يخاف . وكل هؤلاء يجوز الدفع إليهم من الزكاة ; لأنهم من المؤلفة قلوبهم ، فيدخلون في عموم الآية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					