( 4759 ) مسألة ; قال : ( وإذا وصى أن يحج عنه بخمسمائة . فما فضل رد في الحج ) وجملته أنه أوصى أن يحج عنه بقدر من المال ،  وجب صرف جميع ذلك في الحج إذا حمله الثلث ; لأنه وصى بجميعه في جهة قربة ، فوجب صرفه فيها ، كما لو وصى به في سبيل الله ، وليس للولي أن يصرف إلى من يحج أكثر من نفقة المثل ; لأنه أطلق التصرف في المعاوضة ، فاقتضى ذلك عوض المثل ، كالتوكيل في البيع . ثم لا يخلو ; إما أن يكون بقدر نفقة المثل لحجة واحدة ، فيصرف فيها . أو ناقصا عنها ، فيحج به من حيث يبلغ ، في ظاهر منصوص  أحمد  ، فإنه قال ، في رواية  حنبل  ، في رجل أوصى أن يحج عنه ، ولا تبلغ النفقة ، فقال : يحج عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من أهل مدينته . وهذا قول العنبري    . وقال  القاضي    : يعن به في الحج . وهو قول  سوار القاضي  ، حكاه عنه العنبري    . وعن  أحمد  ، أنه مخير في ذلك . قال في رواية أبي داود  ، في امرأة أوصت بحج لا يجب عليها :  أرى أن يؤخذ ثلث مالها ، فيعان به في الحج ، أو يحج من حيث يبلغ . الحال الثالث ، أن يفضل عن الحجة ، فيدفع في حجة ثانية ، ثم في ثالثة ، إلى أن ينفد ، أو يبقى ما لا يبلغ حجة ، فيحج به من حيث يبلغ ، على ما ذكرنا من الخلاف فيه . ولا يستنيب في الحج مع الإمكان إلا من بلد المحجوج عنه ; لأنه نائب عن الميت ، وقائم مقامه ، فينوب عنه من موضع لو حج المنوب عنه لحج . منه فإن كان الموصى به لا يحمله الثلث ، لم يخل من أن يكون الحج فرضا أو تطوعا ، فإن كان فرضا أخذ أكثر الأمرين من الثلث أو القدر الكافي لحج الفرض ، فإن كان الثلث أكثر ، أخذ ، ثم يصرف منه في الفرض قدر ما يكفيه ، ثم يحج بالباقي تطوعا حتى ينفذ ، كما ذكرنا من قبل ، وإن كان الثلث  [ ص: 138 ] أقل ، تمم قدر ما يكفي الحج من رأس المال . وبهذا قال  عطاء  ،  وطاوس  ، والحسن  ،  وسعيد بن المسيب  ، والزهري  ،  والشافعي  ، وإسحاق    . قال  سعيد بن المسيب  ، والحسن    : كل واجب من رأس المال . وقال  ابن سيرين  ،  والنخعي  ، والشعبي  ،  وحماد بن أبي سليمان  ،  والثوري  ،  وأبو حنيفة  ،  وداود بن أبي هند    : إن وصى بالحج ، فمن ثلثه ، وإلا فليس على ورثته شيء . فعلى قولهم ، إن لم يف الثلث بالموصى به ، وإلا لم يزد على الثلث ; لأن الحج عبادة فلا تلزم الوارث ، كالصلاة . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لو كان على أبيك دين ، أكنت تقضيه ؟ قال : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى   } . والدين من رأس المال ، فما هو أحق منه أولى ، ولأنه واجب ، فكان من رأس المال ، كدين الآدمي . وإن كان تطوعا ، أخذ الثلث لا غير ، إذا لم يجز الورثة ، ويحج به ، على ما ذكرنا فيما مضى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					