( 4058 ) فصل   : ولا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على الثمن    ; لأن في أخذه بدون دفع الثمن إضرارا بالمشتري ، ولا يزال الضرر بالضرر . 
فإن أحضر رهنا أو ضمينا ، لم يلزم المشتري قبوله ; لأن في تأخير الثمن ضررا ، فلم يلزم المشتري ذلك ، كما لو أراد تأخير ثمن حال . فإن بذل عوضا عن الثمن لم يلزمه قبوله ; لأنها معاوضة ; ولم يجبر عليها . 
وإذا أخذ بالشفعة ، لم يلزم المشتري تسليم الشقص حتى يقبض الثمن ،  فإن كان موجودا سلمه ، وإن تعذر في الحال ، قال  أحمد  ، في رواية حرب    : ينظر الشفيع يوما أو يومين ، بقدر ما يرى الحاكم ، وإذا كان أكثر فلا . وهذا قول  مالك  وقال  ابن شبرمة  ، وأصحاب  الشافعي    : ينظر ثلاثا ; لأنها آخر حد القلة ، فإن أحضر الثمن ، وإلا فسخ عليه . وقال  أبو حنيفة  ، وأصحابه : لا يأخذ بالشفعة ، ولا يقضي القاضي بها حتى يحضر الثمن ; لأن الشفيع يأخذ الشقص بغير اختيار المشتري ، فلا يستحق ذلك إلا بإحضار عوضه ، كتسليم المبيع . 
ولنا ، أنه تملك للمبيع بعوض ، فلا يقف على إحضار العوض ، كالبيع ، وأما التسليم في البيع ، فالتسليم في الشفعة مثله ، وكون الأخذ بغير اختيار المشتري يدل على قوته ، فلا يمنع من اعتباره في الصحة ، فإذا أجلناه مدة ، فأحضر الثمن فيها ، وإلا فسخ الحاكم الأخذ ورده إلى المشتري . 
وهكذا لو هرب الشفيع بعد الأخذ . والأولى أن للمشتري الفسخ من غير حاكم ; لأنه فات شرط الأخذ ، ولأنه تعذر على البائع الوصول إلى الثمن ، فملك الفسخ ، كغير من أخذت الشفعة منه ، وكما لو أفلس الشفيع ، ولأن الأخذ بالشفعة لا يقف على حكم الحاكم ، فلا يقف فسخ الأخذ بها على الحاكم ، كفسخ غيرها من البيوع ، وكالرد بالعيب ، ولأن وقف ذلك على الحاكم يفضي إلى الضرر بالمشتري ; لأنه قد يتعذر عليه إثبات ما يدعيه ، وقد يصعب عليه حضور مجلس الحاكم لبعده ، أو غير ذلك ، فلا يشرع فيها ما يفضي إلى الضرر ، ولأنه لو وقف الأمر على الحاكم ، لم يملك الأخذ إلا بعد إحضار الثمن ، لئلا يفضي إلى هذا الضرر . 
وإن أفلس الشفيع ، خير المشتري بين الفسخ وبين أن يضرب مع الغرماء بالثمن ، كالبائع إذا أفلس المشتري . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					