( 317 ) مسألة : قال : ( وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض ، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا أروت أصوله ) نص على هذا  أحمد  قال مهنا    : سألت  أحمد  عن المرأة تنقض شعرها إذا اغتسلت  من الجنابة ؟ فقال : لا . فقلت له : في هذا شيء قال : نعم ، حديث  أم سلمة  قلت : فتنقض شعرها من الحيض ؟ قال :  [ ص: 143 ] نعم ، قلت له : وكيف تنقضه من الحيضة ، ولا تنقضه من الجنابة ؟ فقال حديث  أسماء  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تنقضه . 
" ولا يختلف المذهب في أنه لا يجب نقضه من الجنابة ، ولا أعلم فيه خلافا بين العلماء ، إلا ما روي عن  عبد الله بن عمر  ، وروى  أحمد  في " المسند " ، حدثنا  إسماعيل  ، حدثنا أيوب  ، عن  أبي الزبير ،  عن  عبيد بن عمير  ، قال . { بلغ عائشة  أن  عبد الله بن عمر  يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن ، فقالت : يا عجبا  لابن عمر  ، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن ، أفلا يأمرهن أن يحلقن ، رءوسهن ، لقد كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل فلا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات   } . 
واتفق الأئمة الأربعة على أن نقضه غير واجب ; وذلك لحديث {  أم سلمة  ، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إني امرأة أشد ضفر رأسي ، أفأنقضه للجنابة ؟ قال : لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين   } . رواه  مسلم  ، إلا أن يكون في رأسها حشو أو سدر يمنع وصول الماء إلى ما تحته ، فيجب إزالته ، وإن كان خفيفا لا يمنع ، لم يجب ، والرجل والمرأة في هذا سواء ، وإنما اختصت المرأة بالذكر ; لأن العادة اختصاصها بكثرة الشعر وتوفيره وتطويله . 
وأما نقضه للغسل من الحيض فاختلف أصحابنا في وجوبه ، فمنهم من أوجبه ، وهو قول الحسن   وطاوس    ; لما روي عن  عائشة  رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إذ كانت حائضا : { خذي ماءك وسدرك ، وامتشطي   } . ولا يكون المشط إلا في شعر غير مضفور ،  وللبخاري    : { انقضي رأسك وامتشطي   } .  ولابن ماجه    : { انقضي شعرك واغتسلي   } 
; ولأن الأصل وجوب نقض الشعر ليتحقق وصول الماء إلى ما يجب غسله ، فعفي عنه في غسل الجنابة ; لأنه يكثر فيشق ذلك فيه ، والحيض بخلافه ، فبقي على مقتضى الأصل في الوجوب . وقال بعض أصحابنا : هذا مستحب غير واجب . وهو قول أكثر الفقهاء ، وهو الصحيح ، إن شاء الله ; لأن في بعض ألفاظ حديث {  أم سلمة  ، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للحيضة وللجنابة ؟ فقال : لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء ، فتطهرين   } . رواه  مسلم    . 
وهذه زيادة يجب قبولها ، وهذا صريح في نفي الوجوب وروت { ،  أسماء  ، أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض ، فقال : تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها ، فتدلكه دلكا شديدا ، حتى تبلغ شؤون رأسها ، ثم تصب عليها الماء   } . رواه  مسلم    . ولو كان النقض واجبا لذكره ; لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ; ولأنه موضع من البدن ، فاستوى فيه الحيض والجنابة ، كسائر البدن ، وحديث  عائشة  ، الذي رواه  البخاري  ، ليس فيه أمر بالغسل ، ولو أمرت بالغسل لم يكن فيه حجة ; لأن ذلك ليس هو غسل الحيض ، إنما أمرت بالغسل في حال الحيض للإحرام بالحج ; فإنها قالت : أدركني يوم عرفة  ، وأنا حائض ، فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " دعي عمرتك ، وانقضي رأسك ، وامتشطي " . وإن ثبت الأمر بالغسل حمل على الاستحباب ، بما ذكرنا من الحديث ، وفيه ما يدل على الاستحباب ; لأنه أمرها بالمشط ، وليس بواجب ، فما هو من ضرورته أولى . 
				
						
						
