[ ص: 138 ] باب الغسل من الجنابة ( 306 ) مسألة : قال  أبو القاسم    ( وإذا أجنب غسل ما به من أذى ، وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم أفرغ على رأسه ثلاثا ، يروي أصول الشعر ، ثم يفيض الماء على سائر جسده ) . قال الفراء    : يقال جنب الرجل وأجنب وتجنب واجتنب ، من الجنابة . ولغسل الجنابة صفتان : صفة إجزاء ، وصفة كمال  ، فالذي ذكره  الخرقي  هاهنا صفة الكمال . قال بعض أصحابنا : الكامل يأتي فيه بعشرة أشياء النية ، والتسمية ، وغسل يديه ثلاثا ، وغسل ما به من أذى ، والوضوء ، ويحثي على رأسه ثلاثا يروي بها أصول الشعر ، ويفيض الماء على سائر جسده ، ويبدأ بشقه الأيمن ، ويدلك بدنه بيده ، وينتقل من موضع غسله فيغسل قدميه . 
ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه . قال  أحمد    : الغسل من الجنابة على حديث  عائشة  ، وهو ما روي عنها ، قالت {   : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثا ، وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يخلل شعره بيده ، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده   } . متفق عليه . 
وقالت ميمونة    : { وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة ، فأفرغ على يديه ، فغسلهما مرتين أو ثلاثا ، ثم أفرغ بيمينه على شماله ، فغسل مذاكيره ، ثم ضرب بيده الأرض أو الحائط ، مرتين أو ثلاثا ، ثم تمضمض ، واستنشق ، وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفاض الماء على رأسه ، ثم غسل جسده ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه ، فأتيته بالمنديل ، فلم يردها ، وجعل ينفض الماء بيديه   } . متفق عليه . وفي هذين الحديثين كثير من الخصال المسماة ، وأما البداية بشقه الأيمن فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في طهوره ، وفي حديث عن  عائشة    { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب ، فأخذ بكفيه ، ثم بدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه ،   } متفق عليه . 
وأما غسل الرجلين بعد الغسل ، فقد اختلف عن  أحمد  في موضعه ; فقال في رواية : أحب إلي أن يغسلهما بعد الوضوء ; لحديث ميمونة    . وقال في رواية : العمل على حديث  عائشة    . وفيه أنه توضأ للصلاة قبل اغتساله . وقال في موضع : غسل رجليه في موضعه وبعده وقبله سواء . ولعله ذهب إلى أن اختلاف الأحاديث فيه يدل على أن موضع الغسل ليس بمقصود ، وإنما المقصود أصل الغسل ، والله تعالى أعلم . 
				
						
						
