( 2579 ) مسألة : قال ( فإذا أتى مكة  لم يخرج حتى يودع البيت  يطوف به سبعا ، ويصلي ركعتين إذا فرغ من جميع أموره ، حتى يكون آخر عهده بالبيت    ) وجملة ذلك أن من أتى مكة  لا يخلو ; إما أن يريد الإقامة بها ، أو الخروج منها ، فإن أقام بها ، فلا وداع عليه ; لأن الوداع من المفارق ، لا من الملازم ، سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده . وبهذا قال  الشافعي    . وقال  أبو حنيفة    :  [ ص: 237 ] إن نوى الإقامة بعد أن حل له النفر ، لم يسقط عنه الطواف ولا يصح ، لأنه غير مفارق ، فلا يلزمه وداع ، كمن نواها قبل حل النفر ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت    " . 
وهذا ليس بنافر . فأما الخارج من مكة ،  فليس له أن يخرج حتى يودع البيت  بطواف سبع ، وهو واجب ، من تركه لزمه دم . وبذلك قال الحسن  ، والحكم  وحماد  ،  والثوري  ، وإسحاق  ،  وأبو ثور  وقال  الشافعي  في قول له : لا يجب بتركه شيء ; لأنه يسقط عن الحائض ، فلم يكن واجبا ، كطواف القدوم ، ولأنه كتحية البيت ، أشبه طواف القدوم . ولنا ، ما روى  ابن عباس ،  قال {   : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت  ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض   } متفق عليه . 
 ولمسلم  ، قال : كان الناس ينصرفون كل وجه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت    } . وليس في سقوطه عن المعذور ما يجوز سقوطه لغيره ، كالصلاة تسقط عن الحائض ، وتجب على غيرها ، بل تخصيص الحائض بإسقاطه عنها دليل على وجوبه على غيرها ، إذ لو كان ساقطا عن الكل لم يكن لتخصيصها بذلك معنى . وإذا ثبت وجوبه ، فإنه ليس بركن ، بغير خلاف ، ولذلك سقط عن الحائض ، ولم يسقط طواف الزيارة ، ويسمى طواف الوداع ;  لأنه لتوديع البيت  ، وطواف الصدر ; لأنه عند صدور الناس من مكة    . ووقته بعد فراغ المرء من جميع أموره ; ليكون آخر عهده بالبيت  ، على ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوانه وأهله ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " حتى يكون آخر عهده بالبيت    " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					