( 2546 ) مسألة : قال : ( ويحلق أو يقصر ) وجملة ذلك أنه إذا نحر هديه ، فإنه يحلق رأسه ، أو يقصر منه    ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه . فروى  أنس    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة  يوم النحر ، ثم رجع إلى منزله بمنى  فدعا فذبح ، ثم دعا بالحلاق ، فأخذ بشق رأسه الأيمن فحلقه ، فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين ، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر فحلقه ، ثم قال : هاهنا  أبو طلحة  ؟ فدفعه إلى  أبي طلحة    .   } رواه أبو داود    . 
والسنة أن يبدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ; لهذا الخبر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في شأنه كله . فإن لم يفعل ، أجزأه . لا نعلم فيه خلافا . وهو مخير بين الحلق والتقصير . أيهما فعل أجزأه ، في قول أكثر أهل العلم . قال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على أن التقصير يجزئ .  [ ص: 223 ] يعني في حق من لم يوجد منه معنى يقتضي وجوب الحلق عليه . إلا أنه يروى عن الحسن  ، أنه كان يوجب الحلق في أول حجة حجها . ولا يصح هذا ; لأن الله تعالى قال : { محلقين رءوسكم ومقصرين    } . ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رحم الله المحلقين والمقصرين ) . وقد كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من قصر ، فلم يعب عليه ، ولو لم يكن مجزيا لأنكر عليه ، والحلق أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رحم الله المحلقين . قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : رحم الله المحلقين والمقصرين   } . رواه  مسلم    . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق . واختلف أهل العلم في من لبد ، أو عقص ، أو ضفر . فقال  أحمد    : من فعل ذلك فليحلق . وهو قول  النخعي  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وإسحاق    . وكان  ابن عباس  يقول   : من لبد ، أو ضفر ، أو عقد ، أو فتل ، أو عقص  ، فهو على ما نوى . يعني إن نوى الحلق فليحلق ، وإلا فلا يلزمه . وقال أصحاب الرأي    : هو مخير على كل حال ; لأن ما ذكرناه يقتضي التخيير على العموم ، ولم يثبت في خلاف ذلك دليل . 
واحتج من نصر القول الأول ، بأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من لبد فليحلق   } . وثبت عن  عمر  وابنه أنهما أمرا من لبد رأسه أن يحلقه . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لبد رأسه وأنه حلقه . والصحيح أنه مخير ، إلا أن يثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقول  عمر  وابنه قد خالفهما فيه  ابن عباس  ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم له لا يدل على وجوبه ، بعدما بين لهم جواز الأمرين . 
				
						
						
