( 2181 ) مسألة : قال : ( والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة ، وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة ) وجملته أن المعتكفة إذا توفي زوجها  لزمها الخروج لقضاء العدة ، وبهذا قال  الشافعي    . وقال  ربيعة  ،  ومالك  ،  وابن المنذر    : تمضي في اعتكافها ، حتى تفرغ منه ، ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه ; لأن الاعتكاف المنذور واجب ، والاعتداد في البيت واجب ، فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما . 
ولنا ، أن الاعتداد في بيت زوجها واجب ، فلزمها الخروج إليه ، كالجمعة في حق الرجل . ودليلهم ينتقض بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات ، وظاهر كلام  الخرقي  أنها كالذي خرج لفتنة ، وأنها تبني وتقضي وتكفر . وقال القاضي : لا كفارة عليها ; لأن خروجها واجب . وقد مضى القول فيه . ( 2182 ) 
فصل : وليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها ، ولا للمملوك أن يعتكف إلا بإذن سيده    ; لأن منافعهما مملوكة لغيرهما ، والاعتكاف يفوتها ، ويمنع استيفاءها ، وليس بواجب عليهما بالشرع ، فكان لهما المنع منه . وأم الولد والمدبر كالقن في هذا ; لأن الملك باق فيهما ، فإن أذن السيد والزوج لهما ، ثم أراد إخراجهما منه بعد شروعهما فيه ، فلهما ذلك في التطوع . وبه قال  الشافعي    . 
وقال  أبو حنيفة  في العبد كقولنا ، وفي الزوجة : ليس لزوجها إخراجها ; لأنها تملك بالتمليك ، فالإذن أسقط حقه من منافعها ، وأذن لها في استيفائها ، فلم يكن له الرجوع فيها ، كما لو أذن لها في الحج فأحرمت به ، بخلاف العبد ; فإنه لا يملك بالتمليك . وقال  مالك    : ليس له تحليلهما ; لأنهما عقدا على أنفسهما تمليك منافع كانا يملكانها لحق الله تعالى ، فلم يجز الرجوع فيها ، كما لو أحرما بالحج بإذنهما . 
ولنا ، أن لهما المنع منه ابتداء ، فكان لهما المنع منه دواما ، كالعارية ، ويخالف الحج ; لأنه يلزم بالشروع فيه ، بخلاف الاعتكاف على ما مضى من الخلاف فيه ، فإن كان ما أذنا فيه منذورا ، لم يكن لهما تحليلهما منه ; لأنه يتعين بالشروع فيه ، ويجب إتمامه ، فيصير كالحج إذا أحرما به . فأما إن نذرا الاعتكاف ، فأراد السيد والزوج منعهما الدخول فيه نظرت ، فإن كان النذر بإذنهما ، وكان معينا ، لم يملكا منعهما منه ; لأنه وجب بإذنهما ، وإن كان بغير إذنهما ، فلهما منعهما منه ; لأن نذرهما تضمن تفويت حق غيرهما بغير إذنه ، فكان لصاحب الحق المنع منه . 
وإن كان النذر المأذون فيه غير معين ، فهل لهما منعهما ؟ على وجهين ; أحدهما ، لهما منعهما ; لأن حقهما ثابت في كل زمن ، فكان تعيين زمن سقوطه إليهما كالدين . والثاني ، ليس لهما ذلك ; لأنه وجب التزامه بإذنهما ، فأشبه المعين .  [ ص: 79 ] 
وأما المعتق بعضه ، فإن كان بينه وبين سيده مهايأة ، فله أن يعتكف في يومه بغير إذن سيده ; لأن منافعه غير مملوكة لسيده في هذا اليوم ، وحكمه في يوم سيده حكم القن . فإن لم يكن بينهما مهايأة ، فلسيده منعه ; لأن له ملكا في منافعه في كل وقت . ( 2183 ) 
فصل : وأما المكاتب ، فليس لسيده منعه  من واجب ولا تطوع ; لأنه لا يستحق منافعه ، وليس له إجباره على الكسب ، وإنما له دين في ذمته ، فهو كالحر المدين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					