( 1605 ) فصل : وتجوز الصلاة على الغائب  في بلد آخر بالنية فيستقبل القبلة ، ويصلي عليه كصلاته على حاضر ، وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن ، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن . وبهذا قال  الشافعي  وقال  مالك  ،  وأبو حنيفة    : لا يجوز . وحكى ابن أبي موسى  عن  أحمد  رواية أخرى كقولهما ; لأن من شرط الصلاة على الجنازة حضورها ، بدليل ما لو كان في البلد لم تجز الصلاة عليها مع غيبتها عنه . 
ولنا ، ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه نعى  النجاشي  صاحب الحبشة  اليوم الذي مات فيه ، وصلى بهم بالمصلى ، فكبر عليه أربعا .   } متفق عليه . فإن قيل : فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم زويت له الأرض ، فأري الجنازة . قلنا : هذا لم ينقل ، ولو كان لأخبر به . 
ولنا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت ما يقتضي اختصاصه ، ولأن الميت مع البعد لا تجوز الصلاة عليه وإن رئي ، ثم لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم لاختصت الصلاة به ، وقد صف النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم . 
فإن قيل : لم يكن بالحبشة  من يصلي عليه ، قلنا : ليس هذا مذهبكم ، فإنكم لا تجيزون الصلاة على الغريق ، والأسير ، ومن مات بالبوادي ، وإن كان لم يصل عليه ، ولأن هذا بعيد ; لأن  النجاشي  ملك الحبشة ،  وقد أسلم وظهر إسلامه ، فيبعد أن يكون لم يوافقه أحد يصلي عليه . 
				
						
						
